يقول الشاعر اليمني عبدالله عبدالوهاب نعمان:
"ليس منا أبداً من فرقا؛ ليس منا أبداً من مزقا؛ ليس منا أبداً من يسكب النار في أزهارنا كي تحرقا”.
سعرت جحيم الحرب في اليمن لتحرق الأزهار والورود ومزقت البلاد، حرب طائفية يملؤها الحقد والانتقام من شعب مغلوب على أمره، على يد مليشيا الحوثي وحليفها الرئيس السابق صالح لإعادة اليمن إلى عهد القرون الغابرة، وصبت جام غضبها على شعب أبى إلا أن يتحرر من براثن الكهنوت الطائفي المدعي للحق الإلهي في الحكم، وفي محاولة بائسة لتكميم الأفواه لتعزل اليمن عن العالم بدأت بمطاردة الصحفيين وألسنة الحقائق التي تقض مضاجع تلكم المليشيات.
كانوا تسعة صحفيين يتنقلون بين فنادق العاصمة صنعاء يبحثون عن الكهرباء بعد انتهاك العاصمة في 21سبتمبر 2014م من قبل مليشيا الحوثي وحليفهم الرئيس السابق صالح، لنشر الأخبار والحقائق إلى العالم بعد أن قطعت مليشيا الظلام الكهرباء عن اليمن وأغلقت مقرات الصحف والمواقع الإخبارية التابعين لها، لتمنعهم عن نشر حقائق انتهاكاتهم.
اقتحمت عناصر المليشيا فندق "قصر الأحلام" بوسط العاصمة صنعاء فجر الاثنين التاسع من يونيو 2015م، واقتادوا الصحفيين الى السجون لم يكن بحوزتهم عدا أجهزتهم المحمولة "اللابتوبات النووية" والأقلام المتفجرة الممتلئة بأحبار الـ TNT!، وزجت بهم إلى سراديب النسيان وظلوا مخفيين لستة أشهر بعدها سُمح لذويهم بزيارتهم وكانت الكارثة!، يتعرضون لأصناف التعذيب النفسي والجسدي بدا ذلك في محياهم في اول زيارة وبحسب حديثهم لأهاليهم انهم يتعرضون لأبشع الانتهاكات والتعذيب، وخلال تلك الأثناء ظل مسلحو جماعة الحوثي وصالح يلاحقون بقية الصحفيين وإغلاق جميع الصحف والمواقع ومقراتها وتم الزج بالعديد منهم إلى السجون، نجا من نجا من سطوتهم وجبروتهم إلى المحافظات التي تم تحريرها وبعضهم إلى خارج اليمن، ظنوا أنهم قادرون على كتم صوت الحقيقة بتكميم الأفواه ولكن أنَى لهم إلى ذلك من سبيل،.
تقول عائلات الصحفيين المختطفين أن السلطات الانقلابية عاملت أبناءها كأنهم "إرهابيين" وليسوا صحفيين وحرمتهم من حقوقهم الاساسية كموقوفين حيث لم تسمح لذويهم بزيارتهم أو توكيل محاميين للدفاع عنهم أو حتى معرفة التهمة الموجهة اليهم، ناهيك عن إخفائهم قسريا في أماكن احتجاز غير معروفة وتعرضهم لأشكال وأصناف التعذيب على يد قوات أمنية موالية للرئيس السابق ومسلحين ينتمون لجماعة الحوثي من يطلقون على أنفسهم اسم "أنصار الله”.
وقد تحدث المعتقلين لذويهم أنه تم عزلهم في زنازين انفرادية بعد تقييد أيديهم وأرجلهم وتعليقهم إلى أعلى وضربهم بالعصي والسلاسل وأعقاب البنادق حتى سالت الدماء من أجسادهم وصعقهم بالكهرباء والتهديد بالحرق بالنار أو الطعن بأدوات حادة، انتهاكات مروعة حكاها المختطفون لذويهم، يمنعوا عنهم الأكل والشرب والنوم ودورات المياه ومنع الدواء، بعضهم أصيب بالشلل النصفي والبعض فقد سمعه وأحدهم فقد إحدى عينيه من شدة التعذيب.
فيما أهالي الضحايا المختطفين لم يكونوا بمنأى عن سطوتهم فقد تعرضوا للتهديد والملاحقات واضطر بعضهم لمغادرة العاصمة صنعاء إلى القرى أو مواطن بديلة.
أكثر من "20" صحفيا يمنيا منذ عامين مختطفون في سجون مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية يسومونهم سوء العذاب ويتجاوزون في قهر كرامتهم، يمكثون بين أسواط الجلادين وجدران الزنازين حتى اللحظة، يتمنون الموت كل دقيقة لكنهم لا يجدوه.
صحفيون مختطفون ومخفيون قسراً لا ذنب لهم سوى نقل الحقائق للعالم المتخاذل، أطفالهم يناشدون العلم أطلقوا سراح آبائنا المختطفين، توكل توفيق المنصوري طفلة الثمان سنوات في آخر زيارتهم لأبيها في السجن بعد انتهاء مدة الزيارة ترفض العودة مع أمها لتمكث في أحضان أبيها ولو خلف القضبان، صلاح القاعدي أمه ذهب نور بصرها بكاءً على ولدها، والده الذي باع كل ما يمتلكه لإنقاذ ولده حتى أصابه الشلل قهرا وكمدا، وفي آخر زيارة له في سجنه يستجدي أحد السجانين أن يسمح له بشم رائحة صلاح ثم يحتضنه ويبكي، يتحسس الحاج محمد ظهر ولده صلاح ولامس بيده ما أخفاه صلاح لامس الوجع وبانت الحقيقة "تكذب علي أنك بخير" كان صلاح يبكي بحرقة وهما متحاضنان، أي وجع وقهر أكثر!، لو أن عذابات الدنيا بأصنافها اختزلت في تلك اللحظة لكانت كافية للعقاب مهما كانت الجريمة كيف وذنبهم فقط أنهم صحفيون..
وفي 29 أيار مايو 2016م عبر مقابلة أجرتها معه صحيفة الشاهد الكويتية، ينفي المتحدث باسم جماعة الحوثيين وجود أي صحفيين مخطوفين لدى جماعته، الناطق المضحك المبكي.
رسالتنا: يا أيها اليوم العالمي لحرية الصحافة، أيتها المنظمات الصحفية العالمية، يا كُل أحرار العالم، أنقذوا توفيق وصلاح ورفاقهما المختطفين الأحرار من الصحفيين اليمنيين من غياهب السجون وقسوة أسلاك الجلادين ..
الجلادون أنفسهم من يقصفون المدن والقرى اليمنية بصواريخهم يستهدفون المدنيين والأبرياء والأطفال، حالات انتهاكات تمتلئ بها تقارير وكتيبات منظمات الأمم المتحدة والمنظمات المحلية والدولية، ولا مجيب.!
أغلقت المليشيا الانقلابية التابعة للحوثي والرئيس السابق/ صالح في اليمن مقرات الصحف والقنوات الإعلامية والإذاعات المحلية ودور النشر وصادرت معداتها، وتوقفت معظم الصحف اليمنية المناهضة لهم عن الصدور، وطاردت الصحفيين وقتلت العديد منهم وسجنت العديد واستخدمت كل أساليب القمع وانتهاكات حقوق الإنسان .
عن مدونات الجزيرة