بعد أكثر من عامين من محاولة تركيع وتجويع اليمنيين من قبل مليشيا الحوثي، تدخل اليمن اليوم مرحلة محاكم التفتيش بعد أيام قليلة من دعوة زعيم المليشيا عبد الملك الحوثي أنصاره للوقوف صفاً ضد معارضي جماعته، والبدء بفرض حالة طوارئ.
حزمة من الإجراءات التي تفرضها المليشيا منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء، وما تلا ذلك من إجراءات هدفت لتقويض حياة اليمنيين وإنهاء حركة المعارضة والتنوع في الآراء والأفكار.
تسعى المليشيا التي فشلت في تحقيق أي إنجاز على الأرض في المناطق التي تحت سيطرتها على الأقل، باستثناء بث الرعب والخوف في نفوس المواطنين وتنفيذ عشرات الآلاف من حالات الاختطاف والإخفاء القسري.
وفي الوقت الذي ترتفع معاناة المواطنين وانتشار حالات المجاعة في عدد من المناطق اليمنية يقابل ذلك ارتفاع عدد حالات الثراء غير المشروع في أوساط مشرفي المليشيا وقياداتها التي قررت احتكار النشاط التجاري والسياسي وابتكار طرق جديدة للإثراء، مثل كذبة تعويم سعر المشتقات النفطية، ومصادرة مخزون البلاد النقدي لصالح ما يسمى بالمجهود الحربي، وأخيراً ابتكار مسمى البطاقة التموينية التي تم استبدالها بموضوع المرتبات المتوقفة منذ أكثر من سبعة أشهر وهو ما يمثل باباً إضافياً للفساد وتشديد قبضة المليشيا على رقاب المواطنين.
في الجهة الشمالية للعاصمة تحديداً في منطقة الجراف أحد معاقل مليشيا الحوثي خرجت مسيرة تابعة للمليشيا تطالب بفرض حالة الطوارئ والمضي قدماً في ملاحقة ومضايقة خصوم المليشيا بما في ذلك الأصوات المطالبة بصرف مرتباتها.
تزامنت تلك الفعالية مع البدء بمحاكمة 36 معتقلاً ممن تم اختطافهم قبل أكثر من عام وتم توجيه لهم تهم كيدية منها التعاون مع المقاومة والتخابر مع المملكة العربية السعودية، وخلال المحاكمة التي تجري في سجن الأمن السياسي من قبل محكمة أمن الدولة، وهي المحكمة التي أصدرت قبل أيام حكما بإعدام الصحفي يحيى الجبيحي بتهمة التخابر.
يسوق الحوثي أتباعه لمرحلة متقدمة من الحماقة، يجعلهم في مواجهة كافة اليمنيين المختلفين معهم سياسيا وفكريا واجتماعيا.
و يقوم بإعادة فرز المجتمع على أسس طبقية مناطقية وجهوية، يجيد خلق العداوات، وكل يوم يمضي يزيد من سخط المجتمع ضده، مع كل خطوة يفقد فيها إمكانية العودة للوراء والاحتفاظ بخطوط رجعة أو إمكانية للتعايش..
غرور القوة وامتلاك أدوات القهر لا يدوم للأبد، وكما سقطت أنظمة كانت أكثر عنفاً وامتلاكاً لأدوات العنف والقهر، ستسقط المليشيا، لأنها مجرد فكرة تحمل في طياتها أدوات فنائها..
استفاد الحوثي من الانقسام الحاصل في النخب السياسية، وبروز المشاريع الصغيرة وهرم المكونات السياسية في المجتمع وحالة الفساد المتفشية، لانتزاع الدولة من أيدي جميع تلك الأطراف، وورث كل الفساد وزاد عليه فساد وجشع معجون بأوهام الأحقية والسلطة الأبدية، ومثل كل الطفيليات والأوبئة الجرثومية ستنتهي فجأة مثلما انتشرت فجأة.
حالة تضييق غير مسبوقة يترافق معها انسداد تام في المسار السياسي، واستمرار العمل على المسار العسكري في الجبهة الغربية، وهو ما يجعل من خلاص اليمنيين من المليشيا مطلبا يحتاج لإعادة إنتاج حلول أكثر قابلية للتطبيق.