يواجه صحفي يمني خطر التصفية الجسدية من قبل ميليشيات المتمردين الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع/ علي عبد الله صالح بسبب كتاباته ومواقفه المعارضة للانقلاب ضد السلطة الشرعية والرئيس/ عبد ربه منصور هادي.
وأصدرت محكمة خاصة بأمن الدولة موالية للحوثيين، الأربعاء، قراراً بإعدام الصحفي/ يحيى عبد الرقيب الجبيحي (61 عاماً) واتهمته بالتخابر مع دولة أجنبية في جلسة استمرت ربع ساعة، بدأت الساعة العاشرة صباحا وتم النطق بالحكم شفوياً العاشرة والربع.، وهو أقرب لقرار بالتصفية صادر عن جماعة متمردة.
وبحسب مصادر مقربة من الصحفي، تعرض الجبيحي للابتزاز خلال فترة ثمانية أشهر في السجن منذ اختطافه مطلع سبتمبر من العام الماضي، حيث قال الحوثيون إنهم مستعدون للإفراج عنه مقابل دفع مبلغ مليوني ريال.
يعرف الجبيحي بأنه صاحب مبدأ وموظف نزيه ولم تتلخط يده بالفساد ويسكن منزلاً بالإيجار رغم موقعه المهم أميناً لرئاسة مجلس الوزراء ثم رئيسا لدائرة الشؤون الإعلامية بالمجلس وأخيراً مستشاراً إعلامياً حتى سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية ومؤسسات الدولة، حيث ترك العمل ومكث في بيته.
وقد رفض الجبيحي أن يخضع للابتزاز كمبدأ كما أنه ليس ثريا ليدفع مبلغ عشرة آلاف دولار، وخلال استجوابه ظل على موقفه ويؤكد انه ضد انقلاب الحوثيين، يقولها في وجوه محققيه ويصفهم بالميليشيات ويسميهم " التتار " ويسمي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بأنه "طفل مران"، ومران هي مسقط الحوثي بمدينة صعدة شمال اليمن.
واختطف الجبيحي بسبب وشاية من جاره الموالي للحوثيين، والذي أبلغ جهازهم الأمني بأن الصحفي مؤيد للسلطة الشرعية وما يسمى "المقاومة الشعبية"، وأنه يعارض سلطة الحوثيين وصالح ويعتبرها انقلاب، كانت هذه هي التهمة وتمت مداهمة منزله واختطافه مع نجليه ومصادرة لابتوبات وهواتف محمولة.
رغم أنه يعيش حياة متواضعة، فإن شقة الجبيحي المتواضعة بالإيجار لا تتوقف عن استقبال الناس من أبناء منطقة جبل حبشي مسقط رأسه بمحافظة تعز ( جنوب غرب اليمن)، وخصوصاً يومي الخميس والجمعة وقد سمع الجار الحوثي ضيوف لدى الجبيحي يتحدثون عن تأييدهم للمقاومة ضد الحوثيين.
عند تفتيش جهاز الكمبيوتر المحمول، وجد الحوثيون مقالات باسم الجبيحي تنتقد الانقلاب الحوثي وحروبهم الداخلية ومنشوره في صحيفة "المدينة" السعودية، وفي مواقع محلية، وقد حاولوا ابتزازه بهذه الكتابات للحصول على فدية للإفراج عنه، وعندما رفض اعلنوا إعدامه واعتبروا المقالات المنشورة في صحيفة سعودية تهمة تسمى "التخابر مع دولة أجنبية".
قالت السلطات الأمنية للحوثيين وصالح، إن الجبيحي اتصل بطريقة غير مشروعة بدولة أجنبية هي المملكة السعودية وتخابر مع سفيرها بصنعاء وسلم لهم تقارير تضر بمركز الجمهورية اليمنية الحربي والسياسي والاقتصادي وذلك مقابل راتب شهري بواقع 4500 ألف ريال سعودي شهريا ابتداء من عام 2010.
كان يحيى الجبيحي يكتب مقالاً أسبوعياً لجريدة "المدينة" السعودية مقابل مكافأة شهرية منذ 2010، لكنه توقف عن الكتابة للصحيفة السعودية منذ بداية الحرب وكان ينشر مقالاته في موقع محلي.
غير ذلك اعتبر الحوثيون سفر الصحفي اليمني إلى مدينة جدة السعودية مطلع 2016 لإجراء فحوصات في مستشفى سعودي دليلاً على تهمة التخابر، وبعاني الرجل الستيني من تدهور في صحته قلب مجهد ومن مرض السكري، كما يعاني ضعف شديد في السمع.
وينفي أقارب الصحفي الجبيحي أي تواصل بينه والسفارة السعودية بصنعاء، ويؤكدون أنه لم يعمل مع السفارة السعودية كمستشار إعلامي كما روج ناشطون وان التهمة التي أعلنها الحوثيون ملفقة بسبب كتاباته ضد الجماعة والانقلاب.
والصحافي يحيى عبد الرقيب الجبيحي من مواليد محافظة تعز، عام 1955، حصل على البكالوريوس في الإعلام من جامعة الملك سعود عام 1980، ونال الماجستير في الإعلام الدولي، من جامعة إنديانا – الولايات المتحدة الأميركية عام 1986، عمل وكتب في العديد من الصحف اليمنية والعربية، ومن أبرزها عمله محرراً في صحيفتي "عكاظ" و"المدينة" السعوديتين، ومراسلاً لهما في الولايات المتحدة.
محلياً، عمل الجبيحي مديراً عاماً للشؤون الإعلامية والثقافية في مكتب رئاسة الوزراء 1987- 1997، ورئيساً لدائرة الشؤون الصحافية والإعلامية في رئاسة الوزراء منذ عام 1998، ومحاضراً لمادتي (الإعلام والتنمية) و(إدارة المؤسسات الإعلامية) في كلية الإعلام – جامعة صنعاء. وهو عضو اتحاد الصحافيين العرب ونقابة الصحافيين اليمنيين، ومحاضر في كلية الإعلام بجامعة صنعاء.
ونشر الجبيحي عدة مقالات خلال فترة الحرب، منها مقالا يوم 21 سبتمبر 2015 في الذكرى الأولى لاجتياح الحوثيين صنعاء، بعنوان " من منجزات ثورية أيلول الأسود" ويقصد بها اجتياح الحوثيين للعاصمة اليمنية صنعاء في 21 سبتمبر 2014، والتي يسمونها ثورة.
قال الجبيحي في بداية المقال: " في مثل هذا اليوم من عامٍ مضى، دخلت جحافل "التتار" الميليشية الحوثية عاصمة اليمن واليمنيين –صنعاء- بمؤازرة وتشجيع وتحفيز الرئيس السابق، وبتواطؤ مقصود من وزير الدفاع السابق أيضاً !.. وبسبب غباء وبلادة أحزاب وشخصيات قيادية وسياسية.. ثم..وبصمتٍ دال على الرضى لدى عشرات الآلاف من ضباط وصف ضباط وجنود بمعسكرات ومناطق ومؤسسات ونقاط عسكرية وأمنية.. كانت منتشرة بكل موضع قدم بالعاصمة، ليحضر في نفوسهم وجيوبهم عند اقتحام أبناء عمومتهم للعاصمة.. كل شيء.. كل شيء.. إلا اليمن، وموقفهم هذا يذكرنا بقول الطيب الذكر البردوني:"هذه كلها بلادي وفيها،، كل شيء إلا أنا وبلادي".