في الأزمة اليمنية هناك الكثير من المفارقات التي تتخذ في كل مرحلة مسارات مختلفة عن سابقتها، وهو أمر طبيعي في ظل وجود حكومة شرعية بجيشها الوطني مدعومة من قبل أشقاء وأصدقاء الشعب اليمني، وانقلابيين شكلوا مليشيات مسلحة مدعومة من النظام الإيراني المعادي لليمنيين على مختلف انتماءاتهم المذهبية والقبلية والسياسية.
لكن اللافت في المسارات الأخيرة في الأزمة اليمنية هو دخول طرف كان من المستحيل تصور وقوفه أو حتى تعاطفه مع من جرمتهم القرارات الأممية، وهم مبعوثو الأمم المتحدة ومقرروها ولجانها حيث تجاوزا في تصريحاتهم وتقاريرهم الأخيرة الصورة النمطية المعروفة عن المنظمة الدولية وهي الحياد بمبدأ (لا أسمع..لا أرى.. لا أتكلم) إلى مفهوم الضعف المهني في الأداء، والانحياز غير المبرر في المواقف، وكأنهم في خصومة مع الشعب اليمني بعيداً عن معادلات السياسية وتعقيداتها.
المطلوب من مقرري الأمم المتحدة شيء واحد فقط، وهو نقل الصورة الحقيقية عن الواقع دون تحيز لأي طرف على حساب آخر، فالواقع على الأرض يشير إلى مواصلة المليشيات الانقلابية قطع الطريق أمام القوافل الإغاثية التي تحمل الغذاء لأبناء الشعب اليمني بمختلف انتماءاتهم ومناطقهم وخلفياتهم السياسية.
والواقع كذلك والذي لم يصدر من متحدث عسكري أو تصريح لسياسي بل وصفه شهود عيان وسكان محليون وأكده شيوخ قبائل أن هذه المليشيات سخرت القوافل والسفن الإغاثية لمجهودها الحربي بمعنى أنها حولت قوت شعب إلى أداة لقتله، إضافة إلى مواصلة احتلالها للمطارات اليمنية ومنعها نقل الجرحى في تعز وإنقاذهم وعرقلة وصول الإغاثة للحديدة في حين أنها سخرت هذه المطارات لنقل المقاتلين والأسلحة الموجهة إلى صدور اليمنيين.
الوقائع كثيرة وجرائم الانقلابيين أكبر من أن تغطيها رسالة لمبعوث أو تقرير لفريق.. لكن الأمل في أن تحسن الأمم المتحدة من أداء مراقبيها فالجميع يحتاج إلى تقارير ميدانية غير منحازة ترصد الواقع اليمني وتطرحه بشفافية أمام الرأي العام العالمي.