علينا أن نتذكر في مناسبة كبيرة كهذه أن تدخل إخواننا وجيراننا كان ومازال لمصلحتهم في المقام الأول والأخير ولحماية أمنهم ودرء الخطر الذي تسلل وتغلغل في بيت جارهم (الفقير الهزيل المستضعف المهمل المهلهل) بنيّة الوصول إلى عقر دارهم (الغني المترف المترع المغري بالسطو والغزو)..
وبالتأكيد أيضاً هو لمصلحة البيت اليمني كضرورة لا بد منها؛ ولكن هذه المصلحة لازالت ناقصة، ولا يمكن أن تكتمل إلا بمساعدة هذا البيت وأهله على استكمال أسباب قوته الذاتية ومناعته الطبيعية وتأهيله للوقوف على أركانه وأساساته ومقوماته، والتي يأتي في المقدمة منها الحفاظ على كرامته التي ترفض تسلط الأجنبي ووكلائه ومليشياته وعصاباته وجميع أشكال وأصناف ومسميات أدواته.
بعد مرور سنتين من العاصفة، كنا ومازلنا نتمنّى أن تكون العاصمة المؤقتة عدن -على الأقل- قد أصبحت النموذج الحي لكل مدن اليمن المحررة وغير المحررة في بناء مؤسساتها وتأهيل خدماتها وتحسين أوضاع سكانها والمقيمين فيها، وبالأخص الكهرباء والماء والبريد وبقية المرافق الحيوية وما ينطبق على عدن ينسحب أيضاً على مأرب ولحج وأبين وحضرموت وغيرها، لكن هذا وللأسف الشديد لم يحدث بالرغم من توافر الإمكانية لفعل ذلك؛ إذ يبقى عامل الإمكانية مجرد عامل مساعد إذا ما توافر العامل الرئيسي الحاسم المتمثل في التوجه العام لدول التحالف الرئيسية ضمن خطوط السياسة العريضة لمعركتها الوجودية في اليمن، وما يحتمه ذلك من تقوية وترسيخ لدور اليمن المحوري في الصراع الطويل المدى والمتعدد الأبعاد مع المنافس ومن ثم العدو اللدود للملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى والمتمثل في إخطبوط المشروع الإيراني وأذرعه المحيطة بالجزيرة العربية بل والممتدة الى عمقها ومحيطها الداخلي الجنوبي، والتي تستفيد فيه إيران ووكلاؤها من كل الثغرات المفتوحة في البيت اليمني بسبب تباعد وتفكك جبهته الداخلية.
ختاماً.. لا يمكن التقليل من أهمية عاصفة الحزم وأثرها الكبير على اليمن؛ كما لا يمكن أيضاً التقليل من أهمية دور اليمن في تبلور هذه الإدارة العربية السياسية والعسكرية الموحدة وترجمتها إلى فعل تاريخي كبير عنوانه التحالف العربي ورأس حربته (عاصفة الحزم) لدرء الخطر الداهم عن قلب العالم العربي؛ ووحدة هذا المصير في درء الخطر يجب أن يتماثل مع وحدة المصير في إحلال الفرصة.