;
حسن عبد الله الكامل
حسن عبد الله الكامل

اليمن.. معركة المصير 1151

2017-03-29 05:29:09

عندما نقول ملوك الطوائف يتبادر إلى الذهن مباشرة سقوط الدولة الأموية في الأندلس (شبه الجزيرة الأيبيرية أسبانيا اليوم)، حيث قسم ميراث الخلافة بين 22 دويلة (سبحان الله 22 دويلة كأننا نتحدث عن حال العرب اليوم) منها: غرناطة وطليطلة واشبيلية وسرقسطة وبلنسية والمرية، ورغم ثراء تلك الدول إلا أنها كانت ضعيفة وهشة وكانت تستعين بالدول المسيحية في الشمال في حروبها ضد بعضها البعض حتى سقطت في نهاية المطاف جميعها تحت ضربات الصليبيين فسقطت آخر قلاع المسلمين دولة غرناطة في عام 1492.م من ناحية استخلاصية لقراءة تاريخ الأندلس نجد أن ثراء تلك الدول الفاحش لم يمنع عنها الطامعين ولم يشفع لها تقديم الهبات والمساعدات وحتى الوشاية يبعضها البعض فكانت هدفاً عسكرياً يجب الاستيلاء عليه مهما كلف الثمن حتى أطلق المسيحيون في تلك الفترة وما زالوا حتى اليوم مصطلح حرب الاسترداد وكلنا نعلم ما حصل من تهجير عرقي وديني ومحاكم التفتيش التي انتشرت وأدت بالمحصلة إلى اختفاء أثر المسلمين في تلك البلاد تماماً ليتحولوا إلى أقلية صغيرة جدا بعد أن كانوا شعباَ متكاملاَ له هويته وثقافته العظيمة والتي أثرت الحضارة الإنسانية في كثير من المجالات وأصبحنا حين نتحدث عن الأندلس وكأننا نحكي أسطورة ما أو رواية شيقة لأحد كتاب الإنسانية العظماء .
واليوم هاهو التاريخ يعيد نفسه ولكن مع تغييرات ثانوية تتعلق بالأماكن والأسماء ففي هذه الأيام التي نعيشها ربما يمر العرب بالمرحلة الأضعف في تاريخهم السياسي على الإطلاق وخلال هذه الفترة تحديدا فحتى الثورات التي أتت في القرن العشرين كانت على الأقل اجرا في طرحها وخطاباتها السياسية وأشجع في علاقاتها وعلى سبيل المثال في ليبيا فمنذ مقاتلة الاستعمار الايطالي مرورا بمرحلة القذافي المأساوية والثورة ضده وتدخل حلف الناتو الذي صفق وربما صفقنا له جميعا كمخلص من بطش وطغيان النظام الليبي حتى وان كان مهندس ذلك التدخل الفرنسي الجزائري المولد الصهيوني (برنار هنري ليفي) إلى أن وصلنا إلى هذه الأيام والتي تشير الأحداث إلى إمكانية تدخل روسي كبير في الصراع في ليبيا لصالح العسكر الليبيين لتكون النتيجة أسوأ مما كنا نظن في أوهامنا واعنف كوابيسنا العربية فكل سيئات القذافي وجنونه وقصصه العجيبة ليست أسوأ من الكابوس الجاثم على صدور الأشقاء في ليبيا اليوم والذي لم تنتهي فصوله بعد ويبدو أن الروس لا حدود لمطامعهم في المنطقة العربية فكما سيطروا على سوريا وسط ترحيب كبير من النظام وحلفائه الفرس وأتباعهم (ولا ادري كيف يستطيع هؤلاء أن يقدموا أنفسهم كمنظومة مقاومة ضد الصهيونية ومن اجل القدس والكرامة وكيف يستطيع أي إنسان عاقل أن يقتنع بهذا الخطاب) يبحثون لهم اليوم عن موطأ قدم في ليبيا مما يدل على أن أطماع الروس كبيرة في المنطقة وبما انهم قد جلبوا عتادهم العسكري للإقليم فربما غدا يحاولون الدخول الى حلبة الصراع في اليمن من خلال بوابة باب المندب لا سيما وقد رحب بذلك عبر وسائل الإعلام أكثر من مرة الرئيس السابق صالح حتى وان لم يتواجدوا بأنفسهم فربما يقدمون دعما لوجستيا للانقلابيين في صنعاء مباشرة أو عبر الوسيط الفارسي وهذا ما تعمل على منع حدوثه المملكة العربية السعودية كونها تدرك حجم المؤامرة على المنطقة العربية والخطر الداهم علينا جميعا كعرب ومسلمين .
إذن العرب اليوم ضعفاء ومستهدفون في أمنهم القومي أكثر من أي وقت مضى خصوصا بعد تراجع مصر كقوة أقليمية وسقوط العراق بيد الفرس ناهيك عن الوضع الشائك الذي خلفه الربيع العربي في سوريا وليبيا واليمن ولا تنظر القوى العظمى للعرب إلا من خلال مصالحها وليس لنا من خيار غير التوحد في مواجهه هذا الضعف الذي يغري القوى العظمى بالمنطقة العربية ويجعلها تتنافس وتتصارع فيما بينها وتعربد في منطقتنا دون حسيب أو رقيب.
يحدث كل هذا اليوم في الوقت الذي تقدم فيه المملكة العربية السعودية نفسها كممثل للعرب وللقضايا العربية (بقدر الإمكان في وسط أجواء عربية غائمة وقيادات للأسف لا تثق بقدراتها ولا محيطها) مغرما وليس مغنما واستشعارا بخطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة والإرث الديني العظيم الذي تحمله المملكة العربية السعودية فالقيادة الحكيمة في هذا البلد تدرك انه لا بد أن يكون للعرب مرجعية وقيادة جامعة لهم وسط هذا العالم الذي لا يؤمن بالضعفاء ولا أدل على ذلك مما تقوم به المملكة العربية السعودية من دعم لا محدود للشرعية في اليمن من اجل أمنه واستقراره ووحدة أراضيه والذي يصب في الحفاظ على الأمن والاستقرار للإقليم العربي ككل وبالمقابل تظهر لنا مواقف عربية غير مفهومة مهزوزة ومتخبطة يبدو أنها لم تستفد من دروس التاريخ وتستبعد إمكانية السقوط التاريخي الذي تكرر في تاريخنا الإسلامي والعربي أكثر من مرة دون عبرة أو عظة وعلى سبيل المثال ما يجري اليوم في اليمن من اقتتال بين قوات الشرعية مسنودة بغطاء جوي ودعم من دول التحالف العربي وبين الانقلابيين على الشرعية الذين استولوا على مقدرات اليمن العسكرية والاقتصادية بالإضافة إلي دخول بعض الأطراف المغامرة التي تمتلك مشاريع انتهازية صغيرة على المشهد مما يؤدي إلى إرباك وخلخلة الصف الشرعي بشكل مريب يعتقد البعض من الأشقاء في محيطنا على الرغم من مشاركتهم في التحالف العربي أن بالإمكان أن ينظر إلى هذا الصراع في اليمن في بعده المحلي فقط وحدود اليمن فحسب كأزمة خاصة باليمن واليمنيين وان بالإمكان توظيف هذه الأزمة اليمنية بما يخدم المصالح الاقتصادية وغيرها مما يمكن الاستفادة منه فالقضية اليمنية بمفهوم هؤلاء ينظر إليها من منظور الربح والخسارة بمعنى كم سأخسر وماذا ساجني وهذا اعتقاد غير منطقي جملة وتفصيلا فاليمن في هذه الفترة بالذات يجب المحافظة على وحده أراضيه ويجب دعمه بشتى الوسائل السياسية والاقتصادية حتى يعود قويا ومستقرا واعتقد جازما أن اليمن في وضعه الهش الغير امن اليوم هو ثغرة كبيرة في الأمن الأقليمي للعرب جميعا وخصوصا دول الخليج العربي فبدلا من البحث والتدخل في شؤونه الداخلية علينا أن نرفد قيادته السياسية ونحترم قراراتها وعلينا أن ندعم الجيش الوطني اليمني بكل ما يلزم حتى يستطيع مواجهة المخاطر التي تحيط به ويضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بأمن اليمن وجعله مطية للفرس أو غيرهم من الطامعين هذا هو الأساس والاهم الذي يجب أن ننظر إليه أما البقية فهي تفاصيل لا يجب أن تؤثر أو تكون محط اهتمام ولا يجوز التدخل في التفاصيل الداخلية لليمن ولا دعم أيا من الفر قاء السياسيين على حساب فريقا آخر لأن ذلك ببساطة لا يفيد اليمن ولا محيطه العربي بشيء بل على العكس من ذلك يعطي انطباعات سيئة حول النوايا تجاه اليمن ويضعف دور القيادة الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا لذا أتمنى من هؤلاء ان يراجعوا أنفسهم وان يعيدوا انتاج مواقفهم بما يناسب الوضع الراهن الخطير الذي يعصف بالمنطقة برمتها .
ان العلاقة بين اليمن والمملكة العربية السعودية والتي نضجت خلال هذه الفترة هي الانموذج الذي يجب ان تحتذيه كافة الدول العربية وخصوصا دول الخليج العربي ولا بد من ان يتم مراجعة العلاقة اليمنية الخليجية بناء على موقع اليمن الاستراتيجي الهام للعرب عموما وللخليج خصوصا ومخزونه البشري الرافد للأمة العربية والإسلامية ولا يجوز ان يترك اليمن مريضا بمشاكله وحروبه وحيدا بل الواجب على الجميع ان يعيد النظر في علاقته باليمن والانفتاح عليه ودعمه بشتى الوسائل دون منة او مطالب ليعود آمنا ومستقرا وحصنا حصينا لأبنائه اليمنيين ولأشقائه في الخليج العربي خصوصا والعالم العربي والإسلامي عموما.
للتوضيح فنحن كيمنيين نثمن عاليا كل الجهود والدعم المستمر الذي يقدم لليمن أرضا وإنسانا ونحن بما نقوم به من مكاشفات صريحة حريصين كل الحرص على علاقتنا بالأشقاء العرب وعندما نوجهه عتابا إلى احد الأشقاء فإننا بذلك نريد إزالة عوامل اللبس والغموض في المواقف التي من الممكن أن يستثمرها الإنقلابيون بخبث لترسيخ مفاهيم الكراهية والبغض في وجدان البسطاء في الشارع ومع استمرار الوقت يصبح هذا الكره مزاجا سائدا لدي الكثير من المواطنين لذا فنحن نتلمس الجروح ونعمل على تطهيرها والقضاء على مغذياتها قبل أن يزداد التلوث وتتسع رقعة الألم محاولة منا للتقريب بين وجهات النظر بكل شفافية بيننا وبين الآخرين .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد