الانقلاب وحتمية التهاوي والسقوط
محمد يعقوب
إن القارئ للأحداث في الساحة اليمنية، والمتتبع للمتغيرات السياسية والعسكرية المتسارعة في ظل المعطيات الحالية، يمكن أن يلمح بشائر النصر تلوح في الأفق لتبزغ معها شموس الحرية والعزة والكرامة، وتندحر فيه قوى الانقلاب الظلامية الكهنوتية تجر أذيال الهزيمة والخيبة والخسران.
وهذا مبني على تحليل للتحركات السياسية والعسكرية المتوازية والجادة في جبهة الشرعية، واختلاف وتهاوي عصابة الانقلاب والتمرد.
وكل المعطيات على اﻷرض تؤيد ذلك، ونوجز أبرزها:
- لقد فشلت كل محاولات عصابة الانقلاب والتمرد خلال الأشهر الماضية من إحراز أي نصر سياسي أو تقدم عسكري، و لم تتمكن من تحقيق أي مكسب ميداني، رغم الاستماتة في الحشد والتجييش في العدد والعدة، إلا أنها تنتحر في كل مرة، وتفقد الكثير من مواقع سيطرتها، وتتلقى خسائر مهولة في العتاد والأرواح، تتكتم على حجمها الميليشيا، وينبأ عنها استمرار تراجعهم وانكسارهم.
- ممارسة إعلامهم الكذب اﻷسود، فكم باع الوهم عن فتوحات الحدود وما وراء الحدود استجابة للمشروع الفارسي، وكم تحدث عن توغل في أراضي المملكة وسوق ﻷتباعه خرافة النصر والسيطرة على جيزان وعسير ونجران وأساطير البطولات والمعجزات التي يحصدونها، فكشفت الأيام حقيقة مرة وصادمة مفادها أن مليشيا الإجرام تسوق المغرر بهم إلى دروب الردى ومحارق الموت، ولم تتمكن من دخول شبر واحد في أراضي المملكة، بل تمكن أبناء الجيش الوطني والمقاومة من تحرير أجزاء واسعة من محافظتي صعدة وحجة الحدوديتين.
وكانت الأيام كفيلة أن تكشف لليمنيين حقيقة هذه المحارق -للأسف الشديد -التي كان يطلق عليها قيادات مليشيا الانقلاب (جبهة ما وراء الحدود) وكان حري بهم أن يطلقوا عليها محرقة (ما قبل الحدود وقبل قبل الحدود).
- لقد نتج عن ذلك خسارة عصابة الانقلاب شعبياً ومجتمعياً؛ فأصبحت معظم الكتل الشعبية والقبلية تنتظر يوم الخلاص منهم، وتتمنى أن يكون هذا اليوم قريب.
يضاف لذلك الوضع الاقتصادي الكارثي الذي تسببت فيه هذه العصابات والفقر الذي يطحن غالبية أبناء الشعب، والتحذيرات التي تطلقها المنظمات المحلية والدولية من إشراف اليمن على المجاعة، وأصبح أبناء الشعب اليمني يدركون حقيقة فساد وطيش وإجرام هذه المليشيا، التي نهبت قوتهم وقوت أولادهم وتسببت في النكبة الاقتصادية والمعيشية التي تعيشها البلاد، تحت مبرر مواجهة العطوان.
- لقد تولد لدى جميع فئات الشعب قناعة تامة أن المليشيا أصبحت خطرا فكريا وعسكريا واقتصاديا وعلى كل الاتجاهات فهي تمضي بالبلد إلى المجهول، بعد أن خسرت الرهان على كل الأطراف التي كانت تراهن عليها، ودمرت كل الفرص التي أتيحت لها للتحول إلى حزب سياسي مدني، وركب قادتها الغرور والخيلاء والبغي، وأكثروا من الاستعراضات الخطابية والإعلامية حتى خدعوا أنفسهم قبل غيرهم.
- وعلى الصعيد السياسي لم تتمكن عصابة الانقلاب من قراءة الواقع، والتعاطي مع المتغيرات، ومضت في مقامرتها بالبلد، وانتفشت غرورا وكبرياء رافضة كل العروض السياسية والحلول السلمية، ولم تحقق أي نجاح يذكر، بل وجدت نفسها لوبيا معزولا عن المحيط الإقليمي والدولي، وغرقت في مستنقع مسميات التمرد والانقلاب (لجان ثورية ومجلس سياسي، وحبترة....) ولم يجدوا لذلك التفاتاً من أي طرف إقليمي أو دولي، حتى وإليهم الذي علمهم السحر (الولي الفقيه) فهم أقزام وشيعة شوارع.
- نتيجة لهذا التعنت الانقلابي أدرك الجميع في الداخل والخارج، وأيقنت الشرعية والتحالف العربي أنه لابد من خيارات حاسمة، وتحرك مسؤول وفعال على كل المستويات، لرفع يد هذه المليشيا عن البلد.
لاسيما مع تغير موازين القوة وتبدل قضايا السياسة؛ فالجيش الوطني والمقاومة على مقربة من العاصمة صنعاء ومعاقل المليشيا في صعدة تحت رحمة نيران قوات الجيش الوطني ومعظم السواحل والموانئ تحت سيطرة الشرعية، ومقر البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن، ومكونات الشرعية وقياداتها المدنية والعسكرية والأمنية تعمل كخلية نحل في تلاحم وانسجام.
- أصبح التحرك العسكري الجاد من قبل الجيش الوطني مسنوداً بقوات التحالف في أشده، ويحقق إنجازات كبيرة ونوعية على الأرض، كما حققت الشرعية إنجازات أمنية في المناطق المحررة والتي تتحسن الأوضاع الأمنية فيها يوماً بعد يوم.
وتوالت الإنجازات على كافة الأصعدة والتي مثلت بارقة أمل لليمنيين جميعاً والذين ينشدون دولة العدل والحرية والكرامة.
وعليه فإننا اليوم أمام إجماع محلي وإقليمي ودولي على ضرورة طي صفحة الانقلاب ومليشياته باعتبارها خطرا يتهدد الأمن القومي العربي والدولي، ويهدد طريق الملاحة البحرية العالمية.
ولقد بدأ الحديث فعلياً عن مرحلة ما بعد التحرير وترتيب أوضاع البلد سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإعادة اللحمة للنسيج الاجتماعي اليمني.
- ومع كل هذه المعطيات والخلاف الحقيقي الذي بدأ يدب في أوساطهم وينهش تحالفهم، أصبحت قوى الانقلاب تدرك حتمية تهاوي وسقوط مشروعها الإجرامي الكهنوتي الحاقد.