مازال العشرات إن لم يكن المئات من منتسبي وزارة الداخلية وربما من الدفاع أيضاً ونخص منهم تحديداً فئة المراجعين الذين غدوا على حال يرثى لها وهم يتخبطون هنا وهناك من مكتب وزارة سابق إلى مكتب آخر مستجد ولاحق ولكن من دون جدوى.
كم تشعر بالإشفاق وأنت تسمع لآهاتهم وأناتهم يبحثون عن قشة يتعلقون بها تنجيهم من عذاباتهم اليومية.
قد يلفت نظرك أحدهم وهو يفتش عن مكان البصمة ولا من مجيب.
وآخر عمل كاتباً بالأمن كما يقول وفي عدة محافظات واليوم انضم لينافس الشعث الغبر في معاناتهم يبحث عن راتب نوفمبر ومضت الأسابيع على أمل استلامه مع ديسمبر حتى إذا ذهب للجان الصرف قالوا له عد من حيث أتيت.
وسيدة بدت الحيرة على محياها قالت إنها قد ملت وتفكر في الذهاب لصنعاء علها تجد المنصف بعد أن دب اليأس في نفسها.
وأخرى قالت إن أطفالها يتضورون جوعاً وتستجدي مواصلات المتابعة وما تركت باباً إلا وطرقته على أمل الراتب الذي ظل طريقه إليهم بفعل فاعل عديم المشاعر فجعل منها بقايا مراجعة منكسرة الخاطر، غدت كما تقول تداوم أكثر من الموظفين أنفسهم.
ليس هناك من ينكر أن التركة ثقيلة والمظالم جمة وهو ما أكده في وقت سابق معالي الوزير/ حسين عرب نفسه، حيث ذكر أنه سيبذل قصارى جهده لحل ما يمكن حله للتخفيف من المعاناة ورفع المظالم.
ود.خالد العكيمي- مدير عام شؤون الأفراد بالوزارة- يعد بالمعالجات والانفراج القريب للمراجعين من ذوي الاستحقاقات وأنها مسألة وقت ليس إلا.
الجدير بالذكر أن د. خالد كان قبل سنوات عضو في لجنة المبعدين والمكلفة بوضع الحلول والمعالجات قبل أن يرتقي مديراً عاماً لشؤون الأفراد بالوزارة ولذا فهو يدرك تماماً ما عاناه ويعانيه المبعد ومن فصل عن وظيفته ظلماً وعدواناً وبالذات الذي ظل منهم على حاله محلك سر ولم تتح له فرصة توظيف آخر ممن أمضى السنوات العجاف مفوضاً أمره لله ويشكو له بثه وحزنه وعظيم حاجته وليس لأحد سواه حينما يتضور أطفاله جوعاً ويعجز عن تأمين لقمة عيش كريم تشبع حاجتهم وإن كانت كسرة خبز جافة تحفظ بها كرامته وتقيه بؤس الحاجة وتكفيه شر السؤال وويلات الفاقة والعوز.
ونحن أيضاً نعلم يقيناً أنه لن يضيع حق وراءه مطالب وإن غداً لناظره قريب كما يقال ونأمل التوفيق للجميع وإخلاص النية والجدية التي سيجني الجميع ثمارها.
لكن ينبغي أن تتظافر الجهود ليتم وضع الحلول والمعالجات أولاً بأول إما أن يترك المراجع كالكرة في الملعب تتقاذفها الأقدام كما تشاء، فهذا ما لا يرضاه الله ولا رسوله عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم.. وهو ما لا يعد تعذيباً وإنهاكاً واستنزافاً لطاقة المراجع وحده بل إنها تلقي بتبعاتها المرهقة أيضاً على العاملين باللجان والمسؤولين أنفسهم طبعاً نخص المنضبطين منهم بالدوام والحريصين عليه وليست فئة النوام حيث تخوي الجعجعة الرؤوس وتنظر حولك ولا تجد الطحين.
فضلاً عن إرهاقهم لأنفسهم باستقبال المراجع عشرات المرات وإعادته لنقطة الصفر مجدداً وهكذا يغدو أشبه بثور الساقية الذي يظل يدور ويدور معصوب العينين دون أن يفهم المغزى من الدوران.
كم أتمنى أن تحل مشاكل كل المتابعين والمراجعين وأتمنى الرحمة والرفق بالبسطاء والمستضعفين الذين لا حول لهم ولا قوة إلا بالله وان يجدوا في الوزارة المنصف فالله وحده يعلم بحالهم وحاجتهم فهم قد كانوا من ذوي الدخل المحدود أما اليوم فمن عديميه ومستجديه وليسوا من أولئك النفر الذي تنتفخ بطونهم ترفاً وتتعدد أرزاقهم بازدواجيات وظيفية وترقيات انتقائية ورتب خيالية.
ومن المؤكد إن وجدت الجدية من قبل المختصين لحلت جميع المعضلات وتذللت جل العقبات ولشهدت الوزارة تميزاً ملحوظاً في الأداء وسيشار إليهم بالثناء كنوع من التقدير لهم والوفاء من أولئك النفر عندما تلهج ألسنتهم بالحمد لرب السماء الذي أجاب له الدعاء وسخر لهم من خلقه الشرفاء والأتقياء الذين يدركون أن المسؤولية أمانة والتقصير والتخاذل من دون شك خيانة لما استرعاهم الله عليه.
ترى ما رأي السادة المسؤولين وهل أوصلنا الرسالة كما ينبغي لها أن تصل إليهم أم قصرنا في الشرح والتفصيل؟؟
وهل ستجد دعوتنا الآذان الصاغية أم أنها ستتجه رأساً إلى سلة المهملات؟؟
أعتقد أن الأيام القليلة القادمة وحدها كفيلة بالإجابة عن تساؤلاتنا.
في الأخير كل التحية للأوفياء والأتقياء بالوزارة من أعلى الهرم إلى قاعدته وأخمص القدم من مسؤولين وموظفين شرفاء أعانوا على رفع المظالم وأنصفوا البسطاء والضعفاء وتفرغوا للقضية الأهم وهي أن يسود الأمن والأمان في جميع الأرجاء ولا تنسوا ترطيب ألسنتكم بالصلاة والسلام على أشرف المرسلين والأنبياء والتحية لجميع القراء من دون استثناء.