;
فيصل علي
فيصل علي

يمنيون لا زيود ولا شوافع 1094

2017-03-16 22:03:48

ليست مشكلة اليمن اليوم مشكلة الطبقية ولا العنصرية ولا النسب ولا الجينات.
المشكلة أكبر من كل ما سبق، تتمثل المشكلة في عدم وجود الدولة ابتداء، ومن ثم حدوث الانقلاب -على المؤسسات الهشة والتي ورثناها عن سلطتي يمن الشمال ويمن الجنوب وسلطة يمن الوحدة- والتي كنا نأمل في إعادة تطويرها وتحسينها حتى تكون جزء من الدولة اليمنية الاتحادية القادمة.
دعونا نخرج من الماضي ونتجاوز الحاضر قليلا - رغم صعوبة ذلك - برغم كل ما هو حاصل إلا أننا نرى معالم دولتنا ومؤسساتها واضحة من خلال كل هذه الكوادر المنتشرة داخل وخارج البلاد، فبمجرد إعلان قيام الدولة اليمنية الاتحادية ستكون كل هذه الكوادر على رأس أعمالها، وسينشغل الناس بالبناء والتنمية، كما أن فكرة الحرب العسكرية غير قابلة للاستمرار إلى ما لا نهاية.
الهاشمية السياسية 
تثور من حين لآخر نقاشات حول الهاشمية السياسية، وهي مشكلة اليمنيين الأزلية والتي تعود إلى ما قبل ظهور الإسلام في قريتي "مكة" و"يثرب" الواقعتين على طريق تجارة الدولة اليمنية التي هيمنت على الجزيرة العربية لقرون طويلة، لدرجة أن الحميريين وضعوا نقشاً على باب عاصمتهم ظفار التي تعرضت للغزو الحبشي - الروماني في القرن السادس الميلادي كتبوا عليه: "لمن الملك اليوم للأحباش الفجّار أم لقريش التجار أم لليمنيين الأخيار؟".
كانت قريش تبحث عن دور في الجزيرة العربية، لكنها لم تكن تفهم في أمور الحكم والسياسة وكل ما لديها قوافل ووفود وممثلون عنها يذهبون مع قوافل التجارة، لكن الحكم أتى بعد حادثة سقيفة بني ساعدة الشهيرة، حين وصلت قريش للحكم ابتدأ من الحكم الرشيد في عهد الخلفاء الثلاثة الأوائل والتي سقطت دولتهم في عهد الخليفة الرابع الذي انتهت الدولة الأولى أثناء حكمه المنقوص، وانقسمت الدولة في عهده إلى دولتين كما هو معروف.
بدأ ظهور الهاشمية السياسية في عهد الدولة الأموية، لكن هناك من يقول إنها ظهرت في عهد عثمان ابن عفان آخر الخلفاء الثلاثة الراشدين، حين ذهب يهودي صنعاء إلى المدينة منتقماً مما جرى لبني عمومته يهود خيبر وبنو قينقاع، وقد ترك لنا المؤرخون اسم وتاريخ ابن السوداء عبد الله ابن سبأ اليهودي الصنعاني، وهناك من متأخري الشيعة من ينكرون وجوده أصلاً بعد ظهور دولة بني بويه في خراسان، لكن متقدميهم يذكرونه كما يذكره مؤرخو المسلمين.
الدعي المبير
ما يهمنا هنا هو التأكيد على معاناة اليمن وأهلها منذ وصول الدعي المبير الرسي إلى صعدة في القرن الرابع الهجري مستنجدا بأهل اليمن، طالباً اللجوء هربا من بني العباس الذين كانوا يقضون على الأشقياء وقطاع الطرق ومدعيي الانتساب للسلالة وطالبي الحكم بحق النسب النبوي الشريف.
استغل الرسي جهل الناس في أطراف صعدة بتعاليم الدين التي تخلط بين قريش وبين رسالة السماء، واستند الهالك الرسي إلى العاطفة الدينية لدى القبائل وأسس بذرة فاسدة لدولة محرفة لتعاليم الدين، قائمة على العصبوية القبلية التي حاربها الإسلام منذ بزوغ شمسه، وتحول من لاجئ إلى متسلط جبار، أدخل المذهب الهادوي العنصري تحت مسمّى الزيدية إلى مناطق شمال الشمال اليمنية، وأبطن ما لا يظهر ككل الحركات والدعوات الباطنية، وامتدت بذرته الفاسدة في الحكم، وقتلوا كل من خالفهم بدعاوى أنهم قرامطة أو كفار تأويل أو مكارمة إباحيين يؤمنون بالشيوع.
امتدت عذابات اليمنيين ما يقرب من 1200 سنة، حتى جاءت ثورة 26 سبتمبر وهي أهم ثاني ثورة على مستوى الجزيرة العربية، تخلصت من الهاشمية السياسية، وتعد الثورة الثانية التي تخلصت من هذه الكارثة بعد ثورة الإمام محمد بن عبد الوهاب الذي خلص الجزيرة العربية من عبادة الهاشمية السياسة حيها وميتها. 
 لقد قام إمام الدعوة بإحياء دعوة التوحيد، وجدد العقل العربي الذي استخفت به الهاشمية السياسية عبر اقانيمها الثلاثة: الصوفية البدعية والسنية المرجئة والإمامية الباطنية، وجعلت عامة المسلمين يتمرغون في التراب والوحل وطلب المعجزات من قبور بني هاشم، وصرفت أموالها على "مناصيب" القبور، جاءت سبتمبر كنور بدد ظلمات الجهل والتخلف الكهنوت، ولذا واجهت قطعان المتخلفين الذين انساقوا وراء الخرافات. 
 لقد كتبت الصحف المصرية العجائب إبان دخول الجيش المصري الذي أرسله العربي الأصيل الزعيم جمال عبد الناصر لتحرير اليمن من الكهنوت، ما مفاده: فتوى تقول "إنه لا تصح صلاة للشعب اليمني مادام بلا إمام" لقد اعتمدت سلطة الكهنوت الهاشمية السياسية على خداع شعبنا اليمني في مسألة الدين، وربطت بين المذهب السياسي العنصري وبين الدين "إمامكم في الدين إمامكم في الدنيا" هذا الإمام يتوجب أن يكون من البطنين بحسب نظرية الحكم لدى الهاشمية السياسية. 
لذا لا يلومنا أحد إن قلنا وكتبنا عن مظالم شعبنا التي سجلوها هم في معظم كتب تاريخهم الدموي، ونحن هنا نؤصل لحقنا في الحياة، لحق لشعبنا في بناء دولته على أرضه، بدون كهنوت ولا وصاية ولا مذهب عنصري وبلا ولاية علي المزعومة، دعوتنا اليمنية نابعة من حق شعبنا في الحياة، ويجب أن لا نتحول إلى دعاة مظلومية كالقوم الظالمين الذين "حرفوا التاريخ وسرقوا الجغرافيا"، ودعوتنا لمقاومته وتجريم دعوة الهاشمية السياسية هو حق أصيل وناتج عن عذابات شعبنا على مر التاريخ، وليس لأنهم عرق أو أثنية أخرى، بل لأن هذه الدعوة سفكت من دماء اليمنيين ومازالت تسفك بلا انقطاع، ونقولها: "يمنيون لا زيود ولا شوافع، يمنيون لا مذهبيون".
قوميتنا اليمنية 
علينا التفريق بين بني هاشم وبين الهاشمية السياسية، كما فرقنا سابقا بين بني إسرائيل اليهود وبين الصهيونية، وكما فرقنا بين الإيرانيين والصفويين، المشكلة ليست في النسب أو ادعاء النسب، ولكنها تكمن في الادعاء بالحق الإلهي في السلطة والحكم والإمامة والخلافة، هذه الحركات العنصرية الصفوية والهاشمية السياسية والصهيونية العالمية هي مستمدة من اعتقاد إبليس "أنا خير منه" وهي تتناقض مع أسمى الحقوق والحريات الإنسانية، تناقض فكرة العلمانية والإنسانية وروح الإسلام الذي قال نبيه الكريم: "كلكم لآدم وآدم من تراب".
يقول د. علي شريعتي عن الحركة الصفوية: "وبغية ترسيخ أفكارها وأهدافها في ضمائر الناس وعجنها مع عقائدهم وإيمانهم عمدت الصفوية إلى إضفاء طابع ديني على عناصر حركتها وجرّها إلى داخل بيت النبي إمعانا في التضليل ليتمخض عن ذلك المسعى حركة شعوبية شيعية، مستغلة التشيع لكي تضفي على الشعوبية طابعا روحيا ساخنا ومسحة قداسة دينية، ولم يكن ذلك الهدف الذكي متيسرا إلا عبر تحويل الدين الإسلامي وشخصية محمد وعلي إلى مذهب عنصري وشخصيات فاشية، تؤمن بأفضلية التراب والدم الإيراني والفارسي منه على وجه الخصوص".
لقد فعلت الهاشمية السياسية بشعبنا ما لم تفعله الصهيونية بشعب فلسطين، ونحن هنا ندعو إلى إحياء الذات اليمانية، إلى إحياء الهوية اليمنية فهي ملاذنا الأخير، إن قوميتنا اليمنية نابعة من عمق الدولة اليمنية الممتدة لآلاف السنين، وليست نابعة من عرق أو من جينات، نحن دعاة دولة، نغار على دولتنا كما نغار على أعراضنا وعلى أموالنا وحقوق شعبنا الطيب. 
هناك اليوم من يحمل المخلوع صالح كل سوء ويجعل منه العدو الأكبر، متجاوزا التاريخ والمآسي اليمنية التي صبتها الهاشمية السياسية على رؤوس الشعب، وهذه مغالطة قذرة، فوجود تحالفات بين بعض الأحزاب وحركة الهاشمية السياسة من الباطن لا تخفى على أحد، كما أن الأحزاب اليمنية مخترقة بلا استثناء من هذه الحركة الباطنية التي تدعي اليمين واليسار والقومية، وهي في حقيقة جوهرها عصبية سلالية، ولم يقم دعاة الهاشمية السياسة بالانقلاب على البلاد والشعب إلا بعد اختراقهم لكل مؤسسات البلاد وأحزابها ومنظماتها وقبائلها، كان انقلابهم استحقاق لعمل دءوب وليس صدفة وليس مجرد ظرف طارئ. 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد