وقف اليمن على مفترق طرق حقيقي لا سيما بعد ثورة فبراير 2011م، التي أسقطت نظام الحكم العائلي والذي كرسه الرئيس المخلوع/ علي عبدالله صالح وما أعقب ذلك من تولي الرئيس/ عبد ربه منصور هادي للسلطة في ظل حالة عدم استقرار شديدة كرسها طرفي الانقلاب الحوثي العفاشي وصولاً لإعلان الانقلاب بشكل رسمي بعد شهور قليلة من احتلال العاصمة صنعاء من قبل الإنقلابيين وسعيهم للتخلص من شرعية الحكم القائمة والمنتخبة بما يشبه الإجماع الوطني عليها وعلى شرعيتها.
وأعقب ذلك انطلاق عمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل التي قام بها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية بعد طلب ذلك التدخل من الدولة اليمنية لاستعادة المؤسسات الشرعية وإخراج اليمن من النفق المظلم الذي كان يسعى الإنقلابيون لإدخال البلد فيه عبر تسليمه لسلطة الملالي في طهران وقم.
كل تلك التطورات غيرت وستغير وجه اليمن خلال العقود القادمة فلن يعود اليمن لنظام الحكم المركزي الذي تتركز فيه السلطات بيد المركز المقدس ولن يكون من الممكن مطلقاً ان يقبل سكان المناطق التي خاضت حروباً طاحنة ضد الإنقلابيين وقدمت خيرات شبابها وشاباتها ورجالها ونسائها وأطفالها بأن تعود لتحكم من مركز الحكم التاريخي وبات من الملح إيجاد صيغة حكم تستطيع لملمة الجراح وإعطاء الحقوق للمناطق المهمشة وتمكينها من الاستفادة من مواردها لتطوير بنيتها التحتية وبناء أنظمتها التي تناسب طبيعتها وثقافتها وتركيبتها الاجتماعية.
من هنا تأتي أهمية إيجاد كيان اتحادي جامع للأقاليم اليمنية ضمن منظومة حكم رشيدة وعصرية تعتمد على توزيع السلطات على الأقاليم بشكل واسع وفق قوانين ومحددات دستورية يتم سبق لليمنيين أن توافقوا على ملامحها في مخرجات الحوار الوطني الشامل.
فاليمن لن يشهد اي حالة من الاستقرار في حال أصرت بعض الأطراف العودة للماضي وإن خلاص اليمن الوحيد هو في بناء دولة اتحادية تضمن الحقوق المتساوية لجميع أبناء الوطن وتكفل الخصوصية وحق التنوع والاختلاف لكل أبناء الشعب ولا تعطي اي فرصة لهيمنة منطقة او مجموعة او جماعة على الدولة ومقدراتها وتحويل بقية المواطنين إلى تابعين أو مواطنين من الدرجة الثانية والثالة، ومن هنا ينبغي الدفع بشدة لبناء اليمن الاتحادي العصري والحديث اليمن الذي يشعر الجميع فيه بأنهم مواطنون وليس غرباء في وطنهم.