أطلقت الأمم المتحدة صرخة إنذار وصيحة فزع للعالم محذرةً من أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية تجتاح اليمن ودول افريقية مثل الصومال وجنوب السودان وشمال نيجيريا.
اعتدنا على سماع الأزمات الغذائية والإنسانية في بعض الدول الأفريقية، بيد أن هذه المرة أضيفت للقائمة بلادنا التي تواجه شبح الجفاف والمجاعة تزامناً مع صراع مسلح في البلد، فاقم المأساة وعمق الأزمة الإنسانية في معظم المناطق اليمنية، ولم تعد وحدها المناطق النائية في البلاد تواجه هذا الكابوس المخيف، بل امتد وشمل مدن رئيسية لم تعرف الكوارث الإنسانية من قبل إليها سبيلا.
إطالة أمد الحرب مع انقطاع معظم موارد الدولة عن الإنتاج، ناهيك عن انقطاع الرواتب منذ نصف سنة وعجز الحكومة عن الدفع للموظفين ساهم إلى حد كبير في وصول الأوضاع في البلاد إلى هذا المنحدر المخيف.
تشير الأرقام التي نشرتها منظمة الأمم المتحدة ومنظمات دولية، في اليمن أنه قد دخل رسميا في محنة الجوع ودوامة المجاعات، وأشارت التقديرات الأممية إلى أن نحو سبعة ملايين يمني يعانون للحصول على الغذاء، وأن 14 مليونا يشكون بشكل عام من انعدام الأمن الغذائي، كما أن الأمر يتفاقم جراء استمرار الحرب منذ نحو خمس سنوات وحركة النزوح وانهيار القطاع الزراعي والنظام الصحي.
وبغض النظر عن صحة أرقام الأمم المتحدة من عدمها، فإن المؤكد أن ما ترصده المنظمات الدولية ليس إلا النزر اليسير من ظاهرة مخيفة اجتاحت معظم المدن واستوطنت في مناطق مختلفة.
تقول منظمة اليونسيف أن نحو 63 ألف يمني ماتوا العام الماضي لأسباب يمكن تفاديها، أغلبها متعلق بسوء التغذية.
كما تؤكد تقارير برنامج الغذاء العالمي أن أربعة من كل خمسة يمنيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، أي يعتمدون على وجبة واحدة في اليوم ولا يؤمّنون طعامهم لليوم التالي.
ويحتاج نحو 7.3 ملايين من السكان من مختلف المحافظات إلى مساعدة غذائية عاجلة، بينما يعاني أكثر من مليونين من الأطفال والرضع من سوء التغذية، بينهم نصف مليون يعانون من سوء تغذية حاد، بزيادة نسبتها 63% مقارنة بعام 2015، مما يبرز التأثير الكبير للصراع الدائر في البلاد.
أدلة وشواهد في واقعنا بعيدةً عن أعين الإعلام والراصدين الدوليين تشئ بحجم الكارثة والمستقبل المجهول الذي ينتظره أكثر من 25 مليون يمني نتيجة استمرار الحرب دون اي ملامح في الأفق تشير إلى قرب إنهاء معاناة ملايين اليمنيين من الجوع.
خلال الفترة الماضية سلطت وسائل الإعلام الضوء على المجاعة في تهامة وبعض المناطق النائية كون هذه المناطق الأكثر عرضة للأزمات الإنسانية، لكن ما لا قد تدركه المنظمات الدولية أن كثير من حالات الجوع بدأت تنتشر في مدن رئيسية كبرى نتيجة انقطاع سبل الدخل المعيشي وعدم استطاعتهم الحصول على فتات المساعدات التي تقدمه بعض منظمات الأمم المتحدة.
أُسر كثيرة فضلت الانطواء في المنازل على مد اليد وذل الحاجة وهي الان تواجه شبح الجوع بصمت.
ومع غياب الحلول من قبل الحكومة لهذه الظاهرة وعجزها عن الحد من انتشارها عبر تنشيط قطاعات انتاجية يبقى من الصعوبة التنبؤ بالمستقبل الذي ينتظره هذا البلد المنكوب.