;
حسن عبدالله الكامل
حسن عبدالله الكامل

الدائرة الوطنية سياجها التسامح 1130

2017-03-13 05:42:03

يقول الله تعالى في محكم تنزيله: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين).. سورة الأعراف (199).. (فاصفح الصفح الجميل) سورة الحجر (85)
(ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) سورة الشورى( 43)، (وليعفو وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) سوره النور (22)
لا بد من قراءة هذه الآيات وما أكثرها في القران الكريم، آيات تحض على التسامح والعفو والمغفرة، وفي سيرة المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه الكثير من الصور حول هذا المفهوم الأساسي في ديننا وثقافتنا العربية أيضا ولا بد في هذه الأيام من استنفار الذاكرة والعودة إلى مراجعة مفاهيمنا الأصيلة والتي تشوهت في خضم هذه الأحداث التي تعصف بالوطن .
تشير الأخبار الواردة عن العمليات العسكرية هذه الأيام داخل الوطن بأن الحل السياسي في الوطن قد أصبح في غيبوبة سريرية إن لم يكن قد مات بالفعل ولن أناقش اليوم من الجاني والمتسبب في كل هذا الدمار ولن أتحدث عمن صادر سيادة الوطن واختزلها في تصوراته ومبادئه وأهدافه وصنف المجتمع إلى كانتونات بناها من وحي خياله متناسياً أن الكل هم أبناء هذا الوطن وخدامه وجميعهم مستعد للتضحية وبذل الغالي والنفيس والدم في سبيل هذا الوطن، الجميع دون استثناء هم كذالك (طبعاً من تلوثت أيديهم بالفساد وأثروا وتنافسوا وتخاصموا في الفساد لا يشملهم هذا التوصيف). 
يبقى أمر الحسم العسكري كخيار استراتيجي سياسي في يد الحوثيين وحلفائهم (لا أعتقد في تصوري أن الرئيس السابق صالح- بالرغم من كونه رقماً سياسياً صعباً في المعادلة اليمنية- إلا انه لا يمتلك قرار إيقاف الحرب كما يظن الجميع لأسباب موضوعية ومنطقية لا أدري كيف لا يراها الآخرون) وبالرغم من كل ما مر بنا منذ نشأت حركة الحوثيين وحروبهم السابقة حتى اجتياح صنعاء والسيطرة على مقاليد الحكم في الوطن يشير إلى أن هؤلاء لا يمكن أن يقدموا تنازلات تفضي لإيقاف الحرب ولا يهمهم استقرار الوطن ولا مستقبله لأن هذه المفاهيم ليست ضمن أبجدياتهم من الأساس إلا أننا مازلنا نؤمن بأن الحكمة اليمانية ستنتصر في نهاية المطاف ولربما يعتقد الكثيرون أن الحسم العسكري هو الحل الأمثل لليمن وأنه سيقطع دابر الفتنة من جذورها إلا أنني أرى وباختصار شديد أن المشهد الشائك في اليمن وسوء النوايا وضعف العزائم كلها أمور ربما تجعل دخول صنعاء بقوة السلاح هو بوابة فقط لمرحلة أخرى من الصراع ولا أجمل من أن يدرك الحوثيون أن عليهم الانسحاب إلى مناطقهم وأنهم ليسو الوطن ولا يمكن أن يختزلوه أو يطَبعوه بشعاراتهم وأفكارهم التي عفا عليها الزمن. 
كل لحظة تمر ونحن في أتون هذه الحرب القذرة هي لحظة عار في جبين كل يمني غيور على وطنه وكم كنت سأحترم الرئيس صالح لو وجهه نداءاته المتكررة (رغم أننا ندرك أنها نداءات غير بريئة) ومناشداته التي يطلقها دائماً لقوات التحالف والمملكة العربية السعودية للتفاوض دون أن يرى أي تجاوب، لو أنه توجه بهذا الخطاب إلي ممثل اليمن الشرعي الرئيس/ عبد ربه منصور هادي، ولا أدري أين ذهب دهاء الرجل والذي كان من المفترض أن يدرك أنه لا يمكن أن تحل الأزمة ولا أن تقف الحرب بإقصاء أي طرف يمني أياً كان فما بالك بممثل الدولة اليمنية الشرعي والمعترف به دولياً وإقليمياً.
بشكل عام في المجال السياسي كل من يتصور أنه يمكن أن يقصي طرفاً ما من أطراف المجتمع أو يمارس سلوك التخويف والترهيب (كما يفعل اليوم الحوثيين في الوطن) فهو يساهم في تشظي المجتمع وانقسامه وبالتالي يؤدي إلي تأخر الحياة قرونا إلي الوراء، والعالم اليوم قد لفظ هذه الأوهام من الذهنية المجتمعية ولم تعد منظورة (بغض النظر عن تقييم التجربة على مستوى العالم) إلا في بلدان العالم المتخلفة فقط ولا نريد أن يستمر نمط هذا التفكير سائداً في مجتمعنا كمواطنين يمنيين بغض النظر عن الانتماءات السياسية مهما كانت، فلنتسامى فوق جروحنا من أجل هذا الوطن وبالرغم من كل هذا التراشق والتخوين الذي تبادلته الأطراف المتقاتلة على الأرض وبالرغم من نهر الدم الذي أريق على مذبح الوطن إلا انه لا استقرار ولا بناء ولا تنمية ولا مستقبل للوطن إلا بجميع أبنائه مهما تعددت الانتماءات السياسية علينا أن ندرك ذلك جميعا دون استثناء.
يعتقد الحوثيون اعتقادا قاطعاً أن الحرب فرضت عليهم فهم يقدمون الدم والغالي والنفيس في سبيل الكرامة والجهاد كما يظن هؤلاء الضحايا (أقصد مقاتلي الحركة الحوثية) الذين يساقون إلى حتفهم في ساحات المعارك ولن نناقش هذا الاعتقاد لكنني أرى الأمر- أيضاً- من زاوية أخرى فنحن لا نريد أن نعمم ثقافة الحوثيين (إن صح تسميتها ثقافة مجازاً) في الاتجاه الآخر وننظر إليهم كجماعة يجب اجتثاثها من جذورها رغم كل ممارساتهم التدميرية التي عانى منها الجميع ولا ينكرها أحد ولا بد أن تسود ثقافة التسامح والوطنية على ثقافة الكراهية والانتصار ويجب الاهتمام بالتعليم في سائر ربوع الوطن لأنه لا يمكن أن ننتصر وننجح في بناء الوطن إلا إن سلكنا هذا الطريق الصعب.
ولعلي دائماً أغرق في الحديث عن المستقبل وذلك لأني على يقين بأن هذه المرحلة المروعة التي انكسر فيها الوطن لا بد وأن تنتهي قريباً ولا أخشى على الوطن إلا من آثارها فما صنعه الحوثيون في عامين من تاريخ هذا الوطن يحتاج إلي سنوات في حياة اليمنيين لكي يستطيع المجتمع نسيانه، أطناناً من الكراهية أصبح المجتمع محملاً بها وتراجعت القيم وأفرزت الحرب ثقافة غريبة على مجتمعنا تتمثل في النفاق والجبن والحقد، كانت مستهجنة ومرفوضة من قبل الجميع فيما مضى.
ونحن نتحدث بتسامح تتبادر إلى الذهن تلك الملاحم التي سطرها أولئك الأبطال في ساحات الشرف ستبقي دماء الشهداء غالية على قلوبنا ولن ننساهم أبداً وستظل تضحياتهم الجسيمة محط اعتزاز لنا ولذويهم ولهذا الوطن والتاريخ سيكتب عنهم صفحة مشرقه في سفر الخالدين. 
ما أريد أن أوصله للقارئ هو أن مشهد الاقتتال والحرب يجب أن لا ينسينا قواعدنا الدينية والأخلاقية وأعرافنا اليمنية النبيلة الملزمة والتي نحن في أمس الحاجة لتفعيلها اليوم من أجل أنفسنا أولا ومن أجل مستقبل هذا الوطن وأمنه واستقراره.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد