ثورة 11 فبراير 2011 لم تكن نزهة أو فسحة أو راحة أو فعلا هزليا مازحا، أو قضاء مصلحة أو بحثا عن مقعد تنافسي على كراسي الحكم، الثورة الفبرايرية كانت رحلة خروج من هاوية السياسة المظلمة للنظام التي كادت تفتك بالبلاد والعباد، بل إنها فتكت به مؤخراً وحصل ما كان يحذّر منها عقلاء السياسة ورواد الإصلاح الشامل في الشأن اليمني، كانت الثورة الفبرايرية هي منظومة التحكم بالمقود السياسي لليمن الذي انحرف عن المسار الصحيح لتتجه نحو النفق المظلم وتقترب من الارتطام بالسياسة الصخرية للقوى الظلامية الحاكمة، إنما ثورة 11فبراير بداية لمرحلة جديدة للتغيير الفعلي الجاد، هذه الثورة التي مثلت الامتداد الفعال للحركة الإصلاحية والتغييرية التي قادتها المعارضة السياسية اليمنية العريضة وحكماء اليمن والتي كانت قد بدأت تقترب من ذروتها في 2006 وما بعدها بقيادة تكتل اللقاء المشترك وقاعدته الشعبية الواسعة، وفي مقدمتهم التجمع اليمني للإصلاح المدد الثوري الذي لا ينضب والروح التغييرية السلمية التي لا تنطفئ ولا تفتر. ⚪ هي الفرصة التاريخية للتخلص من هذا الداء العضال الذي أصاب أهل اليمن في السياسة والاجتماع والاقتصاد والثقافة والتعليم والفكر… وفي الثورة والثروة والإدارة والإرادة، وفي العلاقات الداخلية والخارجية، وفي التنمية الشاملة للأرض اليمنية والإنسان، فكان من نتاج هذه الحركة التغييرية إسقاط النظام العائلي برمته بعد عدم استجابة رأسه للمطالب الشبابية الشعبية، كان خلع هذه الشخصية وفطمها عن ثديي السلطة المُدر بالتدرج لكن غوغائياته وشعبيته المرهونة له ودولته العميقة التي كان قد بناها ووجه لها جل مقدرات الدولة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وخصهم بها من دون بقية الشعب فبهتت هذه القوى خوفا على مصالحها لما قامت الثورة أيما ابتهات وانصدمت ورأت أن بقاء رأس النظام هو بقاء لرأس مالها ومكاسبها المشبوهة . ⚫ فحاول المخلوع مع جناحه الحزبي الهلوع لمدة الأربع السنوات الماضية من عمر الثورة الشبابية الشعبية السلمية نفخ الروح فيهم من جديد، وهم ينفخون الروح فيه من جديد، فلما عجزت هذه القوة أن تفعل الإعادة وضبط الاسترداد والاستعادة لنظام المخلوع، فكانت الانتخابات الرئاسية للرئيس عبد ربه منصور هادي رئيسا بالتوافق والاصطفاف الوطني، وكان الحوار الوطني الشامل، وكانت مخرجات الحوار الوطني الشامل، وكانت الأقاليم اليمنية الستة، وكان توزيع السلطة والثروة، وكان الدستور اليمني الجديد ومسودته الماثلة للتوقيع، وكلها مشروعات ضخمة تمثل الحل الجذري للمشكلة اليمنية، هنا جنّ جنون المخلوع وكل جزوع تابع له هلوع، فما استطاعوا أن يتحملوا أن يذهب الزعيم المخلوع إلى غير رجعة، أو أن يصبروا على تحريم التوريث السياسي والرئاسي لنجله بعده؟ 🔴 هناك ارتكب المخلوع الخيانة العظمى الشاملة، فصنع الثورة المضادة مع القوى الملكية الإمامية المتربصة في الداخل والخارج بالاشتراك مع القوى الشيعية الاثني عشرية في الداخل والخارج، وباع فيها اليمن بثمن بخس للحوثية في اليمن، ولحزب الله في لبنان، وللمجوس الروافض شيعة إيران، كل ذلك في سبيل عودته إلى كرسي الحكم ولو على حساب الثورات اليمنية المجيدة والنظام الجمهوري والجمهورية والوحدة اليمنية الخالدة، تحت شعار ضال مضلل، يحتوي على هذا المثلث البغيض الباغي الكهنوتي (حكم البطنين، حق آل البيت، الحق الإلهي المدعى) كما هو الأمر والمنطلق الفكري والديني والسياسي في مخزونهم الثقافي والديني والعصبوي والعنصري والطائفي، فكانت ثورتهم المضادة، ثم الانقلاب السياسي الشامل على الشعب اليمني الأرض والإنسان والدولة والشرعية والثورة في آن واحد، وهو ما تم تنفيذه في الثلاث السنوات الأخيرة الموفية للذكرى السادسة وإلى اليوم، فكان الانقلاب المشؤوم بدءا من سبتمبر 2014، وسلّم هذا المخلوع الدولة بطبق من ذهب للمليشيات الحوثية وللحرس الجمهوري والأمن المركز المملش وخاصة حزبه المعفش؟! ولكن المشكلة اليوم لا تكمن في شخص المخلوع بالكلية بقدر ما هي كامنة في قومه الذين استخفهم فأطاعوه طاعة عمياء.. قلت سابقا بأن المشكلة اليمنية العويصة لا تكمن بكامل أركانها في شخص المخلوع عفاش، وإن كان هو زعيمها ومخرجها وصانعها، وقد عاش فصولها بالانتقاش والانتفاش واليوم (التفركاش)، بقدر ما هي في شعبيته وسدنته وكهنته وعبيده الذين استرقهم وحزبهم لشخصه، هؤلاء هم الأخطر لأنه أينما يوجههم زعيمهم فلا يأتون إلا بالشرور والفتن، ولأنه كبيرهم الذي علمهم السحر، وعاقلهم الذي دربهم على الكهانة والشعوذة السياسية، والكولسة الحزبية الموجهة، فصاروا كبعض علامة الساعة في آخر الزمان، يوم تلد الأمة ربتها وسيدتها، فهم بطانة السوء، فكما أنه لا يؤمن على رحم، ولا على قريب ولا على بعيد، فهم أكثر من ذلك، فهو الذي كان دائما يحمل شعبه عامة كل أخطائه وسوءاته فضلا عن بطانته السياسية الحزبية أيام رئاسته، وممكن يقولها يوما لقومه :لا قبل لي بكم، لا أنا بمصرخكم ولا أنتم بمصرخي، إني أرى ما لا ترون، إني أخاف الله رب العالمين ثم ينكص على عقبيه إلى الأبد إذا قربت منه الأوابد ، كمثل الشيطان أضل ناسه فلما ضلوا تبرأ منهم؟! ⚪ سيلقي المخلوع عفاش بالمسؤولية على الأتباع، ذلك أنه وجد من أوساط الشعب اليمني أمة من الناس يشتغلون بنظام السخرة، وهم أوليك الذين أقام عليهم تجاربه السياسية والعسكرية والأمنية من أيام العكفي والشاووش فنجح كما يظن، ليحكم اليمن ثلاث وثلاثون سنة وهو الزعيم المزعوم، وهذه ست سنوات على ذمة المخلوعية، المشكلة بدأها هو ولكن أعانه عليها قوم آخرون من صنعه وتربيته، هم حملة عرشه، وجامعوا قرشه، ورافعو كرشه، وحاملو عفشه؟! استخفهم فتسفهوا، أمرهم فاطاعوا، أثارهم فاستجابوا، قال لهم ما علمت لكم من زعيم غير علي، فقالوا ما لنا غيرك يا علي مالنا إلا علي، قال لهم هذه اليمن ملكي وحقي بأرضها السبع وإنسها وجنها إلى حدود السماء وما بينهما، وهذه الخيرات على ظهرها وفي بطنها والبحار والأنهار تجري من تحتي، فآمنوا به وصدقوه، واستسلموا له وأذعنوا واستجابوا وأقنعهم بضرورته وحتميته ووحدانيته السياسية، ومن قوة سحره تخيلوا أن اليمن تسعى وتمر وهي جامدة هامدة؟! ⚫ لكن غالبية الشعب لم يكن تتأثر بهذا السحر وساحره، ولم تستقبل هذه الأوهام والخرافات والأساطير المكتتبة والأحلام المبهمة، بل كانوا يعيشون الحقائق والحق والحقيقة، بدليل قيام الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي جاءت لتنقذ هذه الغالبية وتخرج هذه الفئة من التيه الذي رافقها لأكثر من ثلاثة عقود في 2011، ثم كانت ثورة شاملة بشقيها السلمي والمسلح في 2015 لتنقذ البلاد والعباد من طوائف الانقلاب، لكن قطار الزعيم كان قد فات بهم، وكان قد حمل منهم على متن ألواحه ودسره من كل زوجين اثنين فلم يستجيبوا حيث كان المرض الحزبي قد بلغ فيهم مبلغه، حتى درجة العشق والهيام والذوبان في زعيمهم هذا بفعل سحره القوي قد بلغت غايتها، حتى الانفصام والجنون في تغيير عقولهم ومشاعرهم وأفكارهم، وفعل لهم غسيل مخ متقدم، وسرويس شامل حديث، فلم تحدث عندهم استجابة لعلاج الثورة الشبابية الشعبية السلمية ولا للثورة المسلحة لاسترداد الشرعية من الانقلابيين في سبيل وقايتهم وإنقاذهم . 🔴 بل إن هذا المخلوع ضم إليهم أمة من الناس من أوساط الشعب أيضا، وجد فيهم ضالته وبغيته فسلطهم على الثوار من قبل ومن بعد كالوحوش المسعورة جنبا إلى جنب مع الذئاب المعلمة ليصنعا ثورة مضادة، وجلب على الشعب بخيله ورجله وحشمه وتبعه وحزبه وعسكره وأمنه ومن كان قد صنعه في ثلاثين سنة على عينيه ليبدأ مرحلة إهلاك الحرث والنسل وإحراق الأرض والإنسان في اليمن كما زعم طوبة طوبة ومن طاقة إلى طاقة، إشارة منها إلى إعلانه الحرب الشاملة على الشعب والمعارضة السياسية والثورة والثوار ورواد التغيير، وفعل ذلك بدعم أهل شمال الشمال ومن لف لفهم ولا زال إلى حينه يفعل؟! المشكلة اليوم في شلة الأتباع من أمة المؤتمر الشعبي الخاص جناحه العفاشي، وشلة جماعة الحوثي الطائفة الدينية الاستعمارية الاستيطانية الإنقلابية، فاجتمع على هذا اليمن الميمون يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض، فكانت الثورة الشعبية الشبابية السياسية المسلحة بقيادة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ودولة الشرعية سنتان من حرب الاسترداد وهم ينادون الشعب آتونا زبر الحديد حتى نجعل بينكم وبين العفافشة والمتحوثة المنقلبين سدا مانعا، وجدارا عازلا، وردما لا يتجاوزوه مرة أخرى بعد اليوم، وتلك هي مهمة الشرعية بكل قواها وأطيافها وتحالفها العربي .. أستاذ مشارك- كلية الآداب- جامعة تعز ◀ يتبع 5⃣
د. عبد الواسع هزبر المخلافي
فبراير.. ذكرى الثورة بين استكمال الأهداف وتساقط أركان الانقلاب(4) 1099