هناك مثل فرنسي يقول (فتش عن المرأة) ولكن في قضايا المنطقة الساخنة والملتهبة يمكن القول (فتش عن إيران) نظراً لوجود بصماتها واضحة في كل الأحداث والأزمات التي تعصف بدول المنطقة وهنا تكمن أهمية زيارة فخامة الرئيس الإيراني حسن روحاني لبلده الثاني دولة الكويت يوم الأربعاء الموافق 15/ 2 حيث يحل ضيفا على صاحب السمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد حفظه الله .
الزيارة ستكون مختصرة وقصيرة ولكنها حتماً ستكون ثرية بالقضايا التي تهم البلدين والمنطقة ككل ولا يختلف اثنان على أن جمهورية إيران تعتبر من أهم اللاعبين الإقليميين بالمنطقة بجانب المملكة العربية السعودية وتركيا حيث يصادف أيضا زيارة يقوم بها الرئيس التركي أردوغان للسعودية فهناك مخاض وحراك سياسي في المنطقة نأمل أن يصب في مصلحة دولها .
الطامة الكبرى في التعامل مع جمهورية إيران الإسلامية أن بها عدة مراكز ومصادر للقرار وكل مصدر قد يختلف عن الثاني وهنا يجد المرء نفسه في حيرة من أمره لأنه حقيقة لا يدري من يصدق وهو ما يعرف بالتقية السياسية ولكن نأمل أن يكون الرئيس الإيراني معبرا وممثلا عن كل مراكز ومصادر القرار في إيران.
نعتقد أن دول مجلس التعاون قادة وحكومات وشعوبا تتطلع لمد جسور التعاون مع إيران فقد صرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن يد دول الخليج ممدودة للجارة إيران لإقامة أفضل علاقات حسن الجوار وهناك مبادرة خليجية حملها قبل أيام النائب الأول لسمو رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد ولكن إلى الآن إيران تلتزم الصمت ولم يطرأ أي تغيير على الموقف الإيراني الداعم للتنظيمات الإرهابية.
أنا شخصيا كمواطن كويتي خليجي تجول في خاطري وتثور في ذهني الكثير من الأسئلة والأماني ولعل أهم سؤال ما هي أهداف إيران من تدخلها في الشؤون الداخلية لدول الخليج ؟ وأما الأماني فهي كثيرة نورد منها ما يلي :
1- إن ترفع إيران يدها عن العراق ولا تتدخل في شؤونه وتترك الشعب العراقي يقرر مصيره وأن لا نرى حشد شعبي وحرس ثوري إيراني يعيث فسادا في العراق بحجة مكافحة الإرهاب وهو يهدف للتطهير العرقي للمكون السني وتحويل العراق إلى محافظة إيرانية.
2- أيضا أن تنسحب من سوريا ولا تدعم الجزار بشار بكل ما يحتاج من دعم عسكري ومادي وتترك الشعب السوري يقرر مصيره وتدعم الحل السياسي الذي تم التوصل له في مؤتمر جنيف وأن تساهم في حل قضايا اللاجئين السوريين وتدعم إنشاء مناطق آمنة في سوريا التي تريدها كل من تركيا والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية.
3- أن تترك لبنان يحل مشاكله الداخلية بنفسه ولا تقوم بدعم حزب الله حتى يتحول إلى دولة داخل الدولة ويهدد أمن واستقرار دول المنطقة وذلك بالتدخل العسكري في بعض الدول.
4- هناك قضية مزمنة بين إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة حول الجزر طنب الكبرى والصغرى وأبوموسى فنجد بيان مجلس التعاون والجامعة العربية تدين في كل بيان ختامي لها احتلال إيران لهذه الجزر الثلاث وتطالب بانسحابها أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية .
5- أن تتوقف إيران عن دعم الحوثيين في اليمن وتزويدهم بالأسلحة مما تسبب في كارثة إنسانية ومجاعة تهدد 12 مليون يمني ليس لهم ناقة ولا جمل وتلتزم بقرار الأمم المتحدة 2216 الصادر عن مجلس الأمن بشأن القضية اليمنية ودعم الشرعية .
6- هناك في إيران اضطهاد للأقليات التي تسكن إيران مثل الأحوازيين العرب والأكراد والبلوش والتركمان وغيرهم وهي اليوم تسعى إلى تجفيف نهر كارون الذي يزود الأحوازيين العرب بالمياه رغبة في العقاب والانتقام .
لاشك أن إيران لديها أجندة خاصة ومشروع توسعي ولكن لتعلم جيدا أن هذا المشروع وهمي غير قابل للتحقيق فهناك دول كبرى في المنطقة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية ترفض أن تهدد إيران أمن المنطقة وتدخل في مناطق تابعة لنفوذ تلك الدول ولهذا عليها أن تغير سياستها العدائية وتجنح للسلام امتثالا للآية الكريمة (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) حتى تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار.
ختاما نقول لفخامة الرئيس الإيراني حسن روحاني حللت أهلا ووطئت سهلا في الكويت بلد مركز الإنسانية والسلام وأن تثمر هذه الزيارة عن نتائج طيبة تصب في مصلحة دول المنطقة فهي تكاد تكون زيارة الفرصة الأخيرة فهل تستثمرها الجمهورية الإيرانية الإسلامية أم تضيع كالعادة بسبب تعنت وتشدد النظام الإيراني.