أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب فيما يتعلق بحديثه عما أسماه بـ (الإرهاب الإسلامي!)، وسعي إدارته إلى استئصاله وما أوحت به من تغير مرتقب في السياسة الأميركية في المعركة ضد الإرهاب، أثارت العداء مع العالم الإسلامي، لربطها المطلق وغير الحقيقي واللا واقعي بين الإسلام والإرهاب، وفيما يرى البعض أن ترامب يسعى- من خلال تمسكه بتصريحاته ضد ما يسميه (الإرهاب الإسلامي!) إلى تحشيد الرأي العام الأميركي والغربي ضد "عدو وحيد"، رأى آخرون أن المؤسسة الأميركية الرسمية "ستكون قادرة على احتواء "شعبوية ترامب" وإثارته للعداء ضد المسلمين، وحملت تصريحات ترامب ضد المسلمين عدة شعارات تمثل تكراراً وتمسكا منه بخطابه وشعاراته في الانتخابات، ورغم أنه خلا من التفاصيل للسياسات المرتقبة للإدارة الجديدة، فإن صبغته الشعبوية والإنغلاق أثارت قلقاً واسعاً على مستوى العالم من جهة، واستثارت غضباً إسلامياً داخلياً وخارجياً خصوصاً من ربطه الإرهاب بالإسلام .
وهناك ترقب لما بعد تصريحات ترامب التي تفتقر إلى الفكر الاستراتيجي بشأن اجتثاث (الإرهاب الإسلامي!)، وأهم ما أعطت تلك التصريحات من إيحاءاتٍ للمتأمل البعد القومي الشعبوي المرتكز على النهوض بالشعب الأميركي (أميركا أولاً) بهدف توجيه الأنظار إلى (عدو!) وكأن ترامب تعمَّد ترك دول العالم بانتظار تصرُّفه، لذا قدَّم عناوين فقط ولم يقدم تفاصيل، والعدو الذي نلمسه في تصريحات ترامب، هو (الإرهاب الإسلامي!)، وبالتالي تبدأ عملية التحشيد ضد الإسلام وتخويف الآخرين منه، وهنا لا بُدَّ من الوعي لهذا المخطط، الذي سيوظف تحت هذا المسمى المغلوط، فعبارة اجتثاث (الإرهاب الإسلامي!) تركيب خاطئ يحتاج إلى توضيحٍ من الإدارة الأميركية حتى لا يُساءَ فهمه وتفسيره، فعندما يُستخدمُ مصطلح (إرهاب إسلامي!) - وهو ما سبقه إليه الرئيس الأسبق جورج بوش الابن - فذلك يعني حرباً صليبية، وبما أن ترامب لا يملك الرؤية لكيفية التحرك السياسي فعلى الأجهزة المعنية في أميركا تصويب ذلك الفهم الخاطئ .
كما يجب آن تُؤخذ تصريحات ترامب حول استئصال ما أسماه (الإرهاب الإسلامي!) في سياقها المتوقع والصحيح، فسيناريو اجتثاث (الإرهاب الإسلامي!) عند ترامب رُبَّما يتوزع على مسارين الأول أمني استخباراتي، وربما يكون على شكل عمليات اغتيال، وعمليات نوعية وضرب أهداف، والثاني، عسكري هدفه ضرب مواقع داعش والقاعدة في أماكن وجودها في العراق وسورية واليمن وليبيا وأفغانستان ومالي ومهاجمة وتدمير المواقع والمنشآت النووية الفارسية الإيرانية وإلغاء الاتفاق النووي الدولي مع إيران وفرض مزيد من العقوبات عليها ما سيفرض على ترامب تحالفات جديدة مع دول أخرى، وتعزيز تحالفات قديمة في الحرب على الإرهاب الأمر الذي يشير إلى احتمالية أن يكون هناك تعاون روسي أميركي أكبر في الحرب على الإرهاب في المرحلة المقبلة، ولا سيما وأن ترامب غير معني بإسقاط الأنظمة، كما كان في عهد إدارات أميركية سابقة، وفي هذا المجال، سيكون أكثر حزماً من سلفه وخاصة وأن استئصال الإرهاب كما وصفه هو القضية الوحيدة في السياسة الخارجية التي أتى على ذكرها في العديد من تصريحاته .