أثار قرار نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن جدلاً كبيراً في الأوساط السياسية والاقتصادية، محلياً، وإقليمياً، ودولياً. وكان لهذا القرار تداعياته ونتائجه التي أثرت على مختلف الجوانب، ونخص منها وفاء الأطراف المتصارعة بحق من حقوق المواطنة "العمل" مقابل الأجر، أداء الواجبات مقابل نيل الحقوق.
وصل الأمر- في بعض المؤسسات الحكومية ومنها الجامعات الحكومية- إلى إعلان الإضراب الشامل وفقاً للنصوص المكفولة في الدستور والقوانين، وقد تعرضت النقابات لهجمة تخوين، وتشهير، وتهم بالعمالة وما إلى ذلك من الاتهامات.
وعندما بدأت بوادر الانفراج والحل، طالبت الجهة التي قامت بنقل البنك المركزي بتسليم قاعدة بيانات لموظفي جهاز الدولة الذين لم يستلموا مرتبات خمسة أشهر، وللأسف الشديد قوبلت هذه الدعوة بالرفض وعدم الاستجابة.
فلا الجهات المسئولة سلمت الكشوفات المطلوبة ولا وجهت الأجهزة الحكومية بذلك، وتركز جل اهتمامهم المطالبة برفع أو تعليق الإضراب في الجامعات، والإشادة بوطنية وشجاعة من كسر الإضراب أو صمت عن المطالبة بصرف راتبه.
وعليه، من المستفيد من استمرار الوضع وبقائه كما هو عليه لاسيما بعد الاستجابة لتسليم الراتب وقد تم فعلا بدء صرفه لبعض الجهات كالتربية والتعليم مثلا.. ومن بديهيات فترات الحروب والنزاعات أن الأطراف التي تتقاتل فيما بينها لا تمس الحقوق بأذى ومنها المرتبات، فضلاً عن ذلك تلجأ الأطراف المتقاتلة للحوار للخروج بحل يرضي الجميع، وهذا ما حدث فعلا (سراً وعلنا) في جنيف والكويت وعمان وغيرها من العواصم والمدن.
وفي جبهات القتال يتم التفاوض وتبادل الجرحى والأسرى وجثث الضحايا "الشهداء".. كل هذا حدث ويحدث وتخندقنا عند تسليم الكشوفات!
اعتبروا أن جميع الموظفين في جهاز الدولة رواتبهم كانت في حكم "الأسرى" لدى الطرفين طرف حجز المبلغ وآخر حجز قاعدة البيانات.
كونوا رجال دولة وأطلقوا رواتب الموظفين الصابرين عليكم.. وأقول لكل من بن دغر، و"بن حبتور" بحق الزمالة والمواطنة أن ما يجمعكما في الماضي والحاضر والمستقبل أكثر مما يفرقكما..
وهو الوطن وليس غيره.
اعقلوها وتوكلوا..
أطلقوا المرتبات ولن تنعدم السبل وقد يكون ذلك مفتاحا لتجاوز الوضع الكارثي الذي نعيشه والخاسر الأكبر هو الوطن.. والمواطن.
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة صنعاء