;
حسن عبد الله الكامل
حسن عبد الله الكامل

حواجز الصمت يجب أن تكسر 904

2017-02-01 07:44:52

وأنا أتابع الأحداث المتسارعة في الوطن وما يجري من اقتتال مرير بين أبناء الوطن الواحد لا أعتقد أن هناك جحيما أشد على وجه الأرض من ذلك الذي يعيشه وطننا هذه الأيام .. فهو لم يسلم من قسوة أبنائه فيما بينهم و لا من أيدي العابثين من رجالات الدولة الفاسدين ولم ينجو من التدخل الأميركي وسفك دماء أبنائه دون أي مصوغ قانوني ولا دولي ..
ليتوج هذا المشهد الدرامي.. بأول إنزال للجنود الأميركيين.. في أرض اليمن.. تقوم بعمليه اغتيال لمواطنين يمنيين (بتهمه انتمائهم للقاعدة).
دون حسيب ولا رقيب.. وكان من جمله الضحايا أطفال ونساء.. لا ذنب لهم ولا جريرة.. وسط صمت إنساني مؤلم.. ومن المخجل- وسط كل هذه التداعيات- أن لا يتحرك الضمير الإنساني عموماً والعربي خصوصاً ولو بكلمة إدانة واحدة.. والمخزي والمؤلم أن رجالات اليمن خرسوا.. من يدلون بدلوهم في كل حدث وتعلو أصواتهم في كل منبر ممن يرفعون شعار الحداثة والتغيير أو أولئك من التيارات السياسية الإسلامية المختلفة أو حتى من ميليشيا الحوثي الذي يشنف آذاننا ليل نهار بشعار الموت لأميركا ولإسرائيل أو أنصار الرئيس السابق صالح.. جميعهم عجزوا عن الرد.. باستثناء بعض الكلمات الرنانة والتي تنتهي برمي التهمه على الطرف الآخر ..
حين نعيد النظر بدقة.. في كل ما يجري.. نرى أن هذا النفاق والعجز لدى النخب السياسية في الوطن.. ما هو إلا انعكاس للواقع الذي نعيشه اليوم كعرب ومسلمين.. يتجلي في أبشع صوره..
ويأتي نتيجة للخضوع للإرادات الدولية الكبرى التي لا يهمها.. الشعوب ولا مطالبها.. ولا تحترم سوى الأقوياء في هذا العالم,, ممن يفرضون أنفسهم من خلال ثقلهم الحضاري والاقتصادي والاجتماعي.. في هذا العالم.. اليوم حتى لا يختلط الفهم لدى البعض.. علينا أن نعترف بوجود مشكلة التطرف بين ظهرانينا وفي مجتمعنا .
فآفة الإرهاب والتكفير.. هي إفراز سيئ لموروث قديم تم التعاطي معه بقداسة منذ تاريخ لا بأس به.. ولو دققنا النظر جيداً.. سنجد أن كثيراً من الخصوم أو المتنافسين في الخطاب الديني.. وأنا هنا أتحدث عن أهل السنة.. فيما بينهم (أما خلاف المذاهب والطوائف فهو أعمق وأشد) على تعدد طرقهم وأفكارهم .
تجد أن بعضهم قد تمادى كثيراً فكفر بعض رجال الطرف الآخر بسبب فتوى أو موقف معين أو حتى زلة ما.. سواء كان ذاك التكفير بالتصريح أو بالتلميح أو بتعبئة المريدين أو التشويه.. أو التهجم .. فأحيانا كل هذه الأساليب.. تفضي إلى نتيجة التكفير لدى الأتباع ..
ولا أدري لماذا لم يتم تدارك هذا الخطاب.. ونشر ثقافة السماحة التي هي أساس الثقافة الإسلامية.. الصافية.. لا بد من التذكير بأن التطرف والإرهاب أياً كان مدان .
وربما يكون أهم عوامل الإرهاب وأسبابه في العالم اليوم هو الإرهاب الذي يمارسه الكيان الصهيوني والمتمثل بالمحاولات المستميتة لطمس هوية الشعب العربي صاحب الهوية الإسلامية في فلسطين.. ومحاولة تدمير أقدس مقدسات المسلمين المتمثل بالقدس الشريف .
ولكنني هنا أسلط الضوء على مشكلتنا المحلية في الوطن الحبيب والمحيط العربي المتمثلة فيما نعاني منه من أفكار متطرفة.. تنتج مجموعات متحمسة ممسوخة الفكر والهوية.. تقوم بما نراه ونلمسه من عنف يضر بالمجتمع وبالأوطان وبدول العالم ولو ترك لها المجال لدمرت العالم وحولته الي جحيم.. خاص بها .
بالمحصلة فإن هذه الغارات التي تقوم بها أميركا منذ سنوات في اليمن.. ليست إرضاء لإسرائيل ولا للصهيونية كما يقول الحوثي.. أو بسبب الحرب علي الدين الإسلامي كما تروج لذلك الجماعات الإرهابية.. إن كل هذه الغارات تأتي من معلومات إستخباراتية.. ربما تكون صحيحة وربما تكون خاطئة ولسنا نعلم الغيب ولن نلقي التهم جزافاً.. ولكننا لا نشك أن هناك أياد وتقارير على أعلى مستوى.. تمد المخابرات الأميركية بشكل مستمر بكل ما يتعلق بملف الإرهاب والإرهابيين في اليمن .
اعتذر بشدة لكل من يقرأ هنا ويظن أني أبرر للضربات الأميركية.. معاذ الله أن يقبل أي إنسان يمتلك ذرة من الوطنية والنزاهة والشرف.. أن يتعرض وطنه للقصف الأميركي.. أان يقتل الأبرياء.. من النساء والأطفال مهما كانت المسببات.. هذه الأعمال لا تقل وحشية عما يقوم به الإرهابيون وربما تكون أفضع وأشد وربما تكون من أهم عوامل تغذيه الإرهاب.. بالإضافة إلى عوامل أخرى ترتبط بالجهل والتخلف في المقام الأول .
إن ما يجري في وطننا اليوم يجعلنا مذهولين، فهذا الانحطاط الأخلاقي قبل السياسي للنخب.. لا ندري بما نصفه.. فمهما يكن كان لا بد من الإدانة.. لا بد من اتخاذ التدابير الدبلوماسية كأضعف الإيمان في مثل هذه المواقف كما تفعل الدول الضعيفة.. وأقولها بكل مرارة.. حتى كلمه الدول الضعيفة ربما لا تنطبق علينا اليوم.. أن مشهد الأطفال الذين قضوا في هذه الغارة الأميركية.. والإنزال لجنود أميركيين في قرية نائية في اليمن.. مؤشراً خطيراً لما يمكن أن يحصل في المستقبل..
أعتقد لو كان هناك أدنى شعور بالمسئولية لدى الأطراف السياسية لحاولوا رأب الصدع.. أو الدعوة إلى المصالحة.. الذي حلمنا أنه من الممكن أن نسمعه وتتناقله وسائل الإعلام كأقل رد على ما حدث من تجاوز كبير إلا أن هؤلاء الفرقاء لم يخيبوا ظنوننا فيهم.. وكانوا بالمستوى المعهود في ذاكرتنا ..
لربما يقول قائل هنا.. ما الجديد اليوم؟ فالضربات الأميركية لم تتوقف منذ سنوات.. وهذا صحيح.. لكن بالربط بين ما يجري من أحداث.. نجد مؤشر خطير للغاية.. فالإنزال الذي تم لجنود أميركيين في إحدى قرى اليمن لاستهداف رجالات القاعدة.. وفق الرواية الأميركية.. من جهة وقرارات الرئيس الأميركي الجديد الحادة لا سيما المتعلقة بمنع مواطني الدولة اليمنية وخمس دول أخرى من الدخول إلى الأراضي الأميركية.. ينذر بأن هناك ما يتم الترتيب له من قبل الإدارة الأميركيه الجديدة ..
ولا أستبعد تنفيذ اغتيالات في مناطق أخرى باليمن.. ولربما يتم إنزال لجنود أميركيين في مناطق يمنية أخرى.. وهذا يعني المزيد من الضحايا الأبرياء.. والمزيد من الدمار في الوطن وبين كل هذه السطور يطل علينا السؤال في العمق.. لماذا اليمن؟ لماذا كل هذا الاستقواء من قبل أشرار العالم.. كيف أصبح هذا الوطن يوصم بالإرهاب وكيف غزا هذا الفكر بعض رجالنا.
ما السر الذي جعل إيران الفارسية تحلم بقدرتها على أن تجعل هذا الوطن ساحة رحبة لتنفيذ أجندتها في السيطرة والهيمنة علي العرب والمحيط.. ما كل هذه البجاحة في ضرب أرضنا من قبل الأميركان منذ سنوات وسط صمت مخزي من العالم ومن الإقليم ومن نخبنا السياسية؟.
يجب علينا أن نعترف بأن كل هذا محصلة طبيعية ومنطقية لما تم ممارسته منذ عقود في هذا الوطن من فساد واستبداد واستهلاك للمال العام..
إننا ضحية ممارسات نظام قدم أسوأ ما يمكن تقديمه من خدمات مجتمعية في مجال الصحة والتعليم والبناء.. واهتم بكيفية بناء منظومته الأمنية والسياسية بما يضمن بقاءه ..ويجعله مرادفاً للوطن فإن سقط هو إنهار الوطن بأسره.. إننا ندفع ثمن رحلة طويلة تخللتها انكسارات وفشل ذريع في معظم النواحي الإقتصادية والسياسية.. كانت مخرجاتها فاشلة بكل المقاييس حتى.. المعارضة السياسية تم احتواؤها وتدجينها واختراقها أيضاً.. فكان أداؤها باهتاً ولم تكن في المستوي المأمول ..
حتى الخطاب الديني تم تفريخه وتحويله إلى ساحات ومدارس متناحرة تبحث عن الفرقة لا عن الوحدة.. تنبش في الزلات ولا تتسامي عن الصغائر والهفوات.. وبدلاً من الدعوة إلى الاعتصام بحبل الله المتين.. كما جاء في محكم التنزيل.. تحولت المنابر إلى مراكز لبث الفرقة والشحناء والشتم والتجريح بالهيئات والشخصيات.. كل هذه الأمور ما لم نتفق عليها ونتوافق ونقبل بما نحن عليه.
فلن نستطيع الخروج من هذا المستنقع الذي نحن فيه والذي يجرفنا ببطء نحو العمق ودون أن نشعر.. علينا أن ننبذ كل هذا الجدال والتخوين الذي نطلقه على بعضنا البعض..
علينا أن نفرض حلول السلام في الوطن.. لا حلول الاستسلام.. يجب أن يعود الجميع إلى جادة الوطن.. قبل أن يسقط تماما..
عموماً.. على القيادة السياسية التحرك عاجلاً لإبراز الأضرار والمخاطر الجسيمة المترتبة في الاستمرار في هذه الاغتيالات والضربات الأميركية الوحشية والغبية في نفس الوقت والتي لن يستفيد منها سوي الانقلابيون.. من ناحية ميدانية في ساحات المعارك.. أو من الناحية السياسية.
والمخرجات في الأخير ستكون سيئة وسلبية للغاية لأمن اليمن عموماً والإقليم ومن ثم الأمن الدولي في نهاية المطاف.
حفظ الله اليمن واليمنيين من كل سوء .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد