مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، فهو يواصل في العلن مشكوراً مساعيه لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتحاربة من أجل التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة، ولكن تقاليد الأمم المتحدة والأعراف الدبلوماسية تقتضي وضع محددات لسلوك المبعوث الأممي والتي يجب ألا تتجاوز الإرادة الدولية التي اتفقت على أن ما جرى في اليمن انقلاب عسكري مكتمل الأركان، وأن مجلس الأمن الدولي أصدر عددا من القرارات لمعاقبة الانقلابيين تحت الفصل السابع وآخرها القرار 2216، لكن يبدو أن ولد الشيخ يقفز على ذلك وينسى أنه موظف لدى المجتمع الدولي وعليه أن يلتزم بسلوك دبلوماسي يتناغم مع التعريف السياسي لكل أطراف الصراع ...
هناك رئيس للجمهورية اليمنية اسمه عبدربه منصور هادي وحكومة شرعية معترف بها من كل دول العالم ومقرها المؤقت العاصمة الاقتصادية عدن، وهناك طرف انقلابي يسيطر بدون شرعية دولية على كل المؤسسات في العاصمة صنعاء وقد تمكن من نهب كل مقدرات الدولة، وحتى إن حاول فرض سياسة الأمر الواقع لكن هذا يسري على المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة لكي يدفعوا عن أنفسهم ممارسات سلطات الانقلاب ولا يجدون بدا من الخضوع لإجراءات حكومة انقلابية تم تشكيلها مؤخرا..
لكن أن يقوم ولد الشيخ في آخر جولة له إلى صنعاء بزيارة وزير خارجية حكومة غير شرعية في مكتبه فذلك يعد من السقطات غير الأخلاقية وإحراجا غير مبرر للمنظمة الأممية التي تدعي الحياد في وساطاتها للتوصل إلى حلول ترسي السلام وتحقق الاستقرار .
ليست هذه هي المرة الأولى التي يخرق بها ولد الشيخ أحمد أسس وقواعد العمل الدبلوماسي للمنظمة الدولية فقد قام في وقت سابق بزيارة ما سمي حينها برئيس اللجنة الثورية لجماعة الحوثي في القصر الرئاسي ومد يديه لتحملا درعا تشجيعية من أعلى سلطة انقلابية.
أما المنظمات التابعة للأمم المتحدة فتتعامل كل يوم مع حكومة الانقلاب ولم تكلف نفسها نقل مقراتها إلى عدن حيث السلطة الشرعية، وتنطلق في ذلك من مبررات أنها تريد الوصول إلى مناطق الصراع دون أخطار لكن نشاطها أصبح مقتصرا على مناطق بعينها ولم تلتفت إلى المآسي الإنسانية في تعز مثلا أو في البيضاء حيث يواصل الحوثيون حربهم ضد المواطنين الرافضين للمليشيا الانقلابية وقوات صالح.
أما منسق الشؤون الإنسانية جيمي ماكجولدريك فحدث ولا حرج عن خروقاته للأعراف الدبلوماسية إلى درجة أن المراقب لم يعد يفرق بين وظيفته الأممية ووظيفته كمندوب علاقات عامة لحكومة الانقلاب، حيث عمل في الأيام الماضية دليلا سياحيا لعضو مجلس العموم البريطاني أندرو ميتشيل الذي تجول في صنعاء وصعدة لمعاينة الأماكن والمواقع التي تعرضت لقصف من قوات التحالف العربي ولم يتضمن برنامج هذه الجولة الاطلاع على ممارسات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع لتدمير حياة السكان في كل منطقة يسيطرون عليها..
والسؤال الذي يطرح نفسه: مالذي تسعى إليه الأمم المتحدة في اليمن؟ ولماذا لا تعترف منظماتها إلى الآن بأن انقلابا حدث؟ ولماذا تهدأ صولات المبعوث الأممي عندما تميل الكفة لصالح الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع وعندما تسيطر قوات الجيش الوطني والمقاومة على ميناء المخا ومضيق باب المندب الاستراتيجي تمنح الأمم المتحدة مهلة أسبوعين لأطراف الصراع للعودة إلى طاولة المفاوضات ووقف الأعمال القتالية؟ حقيقة لا أرى للأمم المتحدة دورا في اليمن سوى التشويش كما هي أدوارها المعتادة في سوريا وليبيا وقبلها دمرت تقاريرها العراق.
*الشرق القطرية