حينما الميليشيات الانقلابية تتخبط يمنة ويسرة على وقع الضربات العسكرية لقوات الجيش والمقاومة وقادة الانقلاب يهرولون من خندق إلى آخر هربا من أزيز المقاتلات الحربية وتلفزيون الجمهورية اليمنية يعلن تحرير مدينة المخا وتأمين مضيق باب المندب الاستراتيجي، كان رئيس الجمهورية وسط قصره في العاصمة المؤقتة عدن يوقع على صدور قراراته رقم (18 و 19) لسنة 2017م بشأن إلغاء القرارات الانفرادية الصادرة عن فصيل سياسي بمجلس النواب، ونقل مقر اجتماعاته الى العاصمة المؤقتة عدن.
منذ الوهلة الأولى للانقلاب المشئوم أواخر العام 2014م، كان أول عمل قامت به الميليشيا هو التخلص من مجلس النواب، والقفز على الدستور اليمني عبر ما سمي باللجنة الثورية، التي عاثت في الأرض فساداً، ولم تترك قرية أو مدينة وطأتها أقدام مسلحيها، إلا وقتلت فيها النساء والأطفال، ولاحقت الأحرار، وفجّرت البيوت، ونهبت مؤسسات الدولة والمال العام.
لكن انتفاضة الشعب اليمني إلى جانب قيادته الشرعية بدعم من دول التحالف العربي، جعلت قيادات الانقلاب تراجع حساباتها، وتعود من جديد لمحاولة غسل جرائمها البشعة، عبر المجلس التشريعي الذي سبق لها إنكار مشروعيته، والنيل من استقلاليته.
بمجموعة من الأعضاء المرتبطين بشبكة مصالح مع المخلوع صالح، وعبر التهديد والوعيد لبعض الأعضاء، ممن عجزوا عن مغادرة مناطق سيطرة الميليشيا، ورغم عدم اكتمال النصاب القانوني في كل جلسات البرلمان المعقودة تحت تهديد الميليشيا بالعاصمة صنعاء، إلا أن الميليشيا كانت تسابق الزمن لتحقيق بعض المكاسب السياسية، عبر بوابة البرلمان لتمرير مشاريعها التدميرية، ومخططاتها القذرة، لتمكين إيران في المنطقة، بل تجاوزت ذلك إلى محاولة إقرار قوانين وتشريعات جديدة تمنح رموز الانقلاب الحرية الكاملة والحصانة الشاملة لكل جرائمهم بحق أبناء الشعب اليمني.
كما نص الدستور اليمني في المادة 66 والمادة 229 وبما هي عليه العاصمة صنعاء من ظروف قهرية بالوقوع تحت براثن الانقلاب، وعصابات الفيد والفساد ونتيجة للتدخلات السافرة في عمل السلطة التشريعية من قبل ميليشيا الحوثي صالح الانقلابية، جاء قرار رئيس الجمهورية بنقل جلسات مجلس النواب إلى العاصمة المؤقتة عدن ليشكل بذلك طعنة مميتة في خاصرة الانقلابيين، ويكتمل المشهد اليمني لكل ذي عقل، فالمناطق الإستراتيجية كلها أصبحت بيد الشرعية، والمناطق النفطية والغازية بيد الشرعية أيضا، والمؤسسة الرئاسية والحكومة والسلطات التنفيذية والتشريعية والبنك المركزي بيد الشرعية وفوق كل ما سبق التأييد الشعبي الكبير والإجماع الدولي والدعم العربي.
اليمنيون اليوم باتوا يدركون أن الميليشيا وعلاوة على الدمار الهائل الذي ألحقته بالوطن والمواطنين، تواصل نهب عائدات الدولة من ضرائب وجمارك وخلافه، بينما تدفع الشرعية رواتب الموظفين في كل مناطق الجمهورية، وعلى ذلك كانت الفرحة الشعبي الكبيرة بقرار رئيس الجمهورية نقل السلطة التشريعية إلى عدن، لما تمثله من انتصار سياسي يواكب الانتصارات العسكرية ويعجل بزوال الانقلاب وأهله.