قال الإمام الشافعي :
دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفساً إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء
هناك مثل يقول (لكل حادث حديث) ولهذا لا أحد يستطيع أن يتوقع أو يتكون بالسياسة التي سينتهجها الرئيس الأميركي الجديد ترامب حتى المقربين منه لأنه شخصية مثيرة للجدل يتوقع منه غير المتوقع فهو حديث عهد بالسياسة واحتمال كبير أن يدير السياسة الأميركية كما يدير مشاريعه وشركاته بعقل رجل الأعمال الذي يضع الربح والخسارة مبدأ له في كل خطوة يخطوها أو قرار يتخذه وكأي رجل أعمال يبحث عن الربح الوفير.
يوم الجمعة 20 يناير الجاري هو يوم تنصيب الرئيس الأميركي ترامب والمتوقع أن يحضر الحفل رؤساء أميركا السابقون الذين هم على قيد الحياة وأيضاً أعضاء الكونغرس والشخصيات السياسية والاجتماعية ومن يريد من الشعب الأميركي، فالدعوة عامة والمتوقع أن تكون تكاليف الحفل مليون ونصف مليون دولار وبناء على القانون الأميركي لا يجوز للرئيس أن يمارس التجارة ولهذا فهو سيترك منصبه في شركاته التي يصل عددها لـ 500 شركة وتمارس أعمالها في 20 بلداً وتدير ثروة تقدر بعشرة مليارات دولار لأبنائه وأما نصيبه من الأرباح فهو سيذهب إلى خزينة الدولة وليس كما هو مطبق عندنا يختلط الحابل بالنابل والمال العام بالمال الخاص وكثير من الوزراء وأعضاء مجلس الأمة لديهم شركات ويأخذون العقود والمناقصات وتتضخم ثرواتهم وكروشهم من أموال الشعب .
الرئيس ترامب حدد ملامح لسياسته الداخلية والخارجية أثناء خطاباته وندواته الانتخابية ومنها أنه سوف يلغي النظام الذي وضعه الرئيس السابق أوباما للرعاية الصحية وسوف يضع نظاما أفضل منه وسوف يعيد بناء البنية التحتية المتهالكة فهناك طرق وجسور ومرافق وغيرها تحتاج لإعادة ترميم وبناء وقدرة التكلفة بـ 3.5 تريليون دولار وكما ورد في إحدى الصحف الأميركية أن دولة قطر سوف تساهم في هذا المشروع بـ 35 مليار دولار وقد دفعت منهم بالفعل 10 مليارات دولار محاولة لكسب ود الرئيس ترامب والمتوقع من دول خليجية أخرى أن تحذو حذو دولة قطر .
هناك قضايا كثيرة محلية ولكنها تهم المواطن الأميركي ولا تهمنا كشعوب عربية وقد بادرت المكسيك بكسب ود الرئيس ترامب في بداية عهده بتسليم زعيم للمافيا وأكبر تاجر مخدرات فيها للحكومة الأميركية بعد أن هدد ترامب في ندواته الانتخابية ببناء سور بين أميركا والمكسيك لمنع المتسللين والهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات .
هناك تخوف أن يعترف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل وقد عبرت المملكة العربية السعودية ودولة الكويت وبعض الدول العربية عن استيائهم ورفضهم لهذا القرار وصرح الملك عبدالله العاهل الأردني أن القمة العربية التي ستعقد بالأردن سيكون من أولوياتها مناقشة هذه القضية وطبعا كالعادة سيصدر بيان إدانة واستنكار ولكن نعتقد أن هذا القرار لكسب أصوات اليهود في أميركا ودعمهم وكل رئيس في حملته الانتخابية يطلق وعود غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع نظرا لتداعياتها الخطيرة ومنها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
القضية السورية سيكون الرئيس ترامب فيها متعاونا مع الرئيس الروسي بوتين وسوف تتضح الصورة في مؤتمر استانة المتوقع انعقاده في 23 يناير الجاري فهناك تقريبا اتفاق على بقاء الجزار البشار في سدة الحكم لأن ذلك لصالح إسرائيل أيضا وسوف تحصل المعارضة السورية على الفتات ونعتقد أن الخاسر الأكبر سيكون تنظيم داعش لأن الرئيس ترامب هدد بتدمير داعش في سوريا والعراق وقد اتهم الرئيس السابق أوباما وإدارته بدعم هذا التنظيم وتركه يتمدد وارتكب أبشع المجازر.
نعتقد أن الرئيس ترامب لن يسمح لإيران أن تسيطر على سوريا وسوف يكون هناك تفاهم أميركي روسي لوقف التمدد الإيراني في سوريا إن لم يكن طرد الحرس الثوري الإيراني وبقية المليشيات الشيعية وخاصة حزب الله من سوريا وكذلك من العراق ولا نعتقد أن يكون هناك تقسيم لسوريا أو العراق ولكن تقاسم للمصالح بين أميركا وروسيا بمعنى آخر أن تهيمن الولايات المتحدة الأميركية على العراق وتهيمن روسيا على سوريا ويتم القضاء على داعش وتكون هناك مشاركة رمزية للمعارضة السورية في الحكومة السورية مع احتمال تنحي الرئيس الأسد والبحث عن شخصية سورية معتدلة لم تتلطخ يدها بالدم السوري لتولي الحكم في سوريا وكلها مجرد توقعات قد لا تصدق ويكون هناك صدام بين روسيا وأميركا إذا تعرضت المصالح بينهما ولكل حادث حديث.
أما ما يخص دول الخليج فقد صرح الرئيس ترامب مرارا أن دول الخليج غنية وتملك احتياطيات مالية هائلة وعليها أن تدفع الأتاوة مقابل أي اتفاقيات أمنية وحماية وصحيح أن الرئيس ترامب مستاء من الدول الخليجية لأنها كانت مؤيدة لفوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون وبعضها ساهم في تمويل حملتها الانتخابية ولكن المتوقع أن تكون هناك ضغوط أميركية على دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت في التكفل بتغطية نفقات الحرب على داعش والنصرة وغيرها من التنظيمات الإرهابية وأيضا المساهمة في تغطية تكلفة بناء البنية التحتية في أميركا علاوة على شرائها المزيد من الأسلحة الأميركية وفتح أسواقها ومشاريعها التنموية للشركات الأميركية مقابل الحد إن لم يكن منع إيران من التدخل في شؤونها وحسم الحرب في اليمن لصالح الشرعية اليمنية والتحالف الذي تقوده السعودية.
نعتقد أن إيران سوف تواجه أزمة كبيرة مع الرئيس الأميركي ترامب الذي سوف يسعى أولا لإلغاء الاتفاق النووي وأيضا سوف يسعى لفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران مما ينذر بمواجهة ساخنة بين البلدين وهو قد أنذر إيران أنها لو اقتربت قواربها في الخليج العربي من البوارج الأميركية سوف يكون الرد عليها حاسما وستدفع إيران الثمن .
هناك دول مثل تركيا ومصر وهي دول مؤثرة في المنطقة وهي دول أضرت كثيرا بمصالح دول الخليج حيث خدعت وغدرت بهذه الدول وابتزت أموالها في مشاريع وهمية ووعود براقة كاذبة وهي في حقيقة الأمر حليفة لروسيا التي تشن حرب إبادة على الشعب السوري ونعتقد أن علاقة الرئيس ترامب مع مصر وتركيا مرتبطة بعلاقته مع روسيا فإن كانت جيدة فعلاقته بتلك الدول جيدة والعكس صحيح وفي النهاية في السياسة لا يوجد عدو دائم أو صديق دائم إنما مصالح مشتركة كما قال رئيس وزراء انجلترا السابق ونستون تشرشل.