من أهم عوامل انهيار المشروع الحوثي- إن لم يكن أهمها- هو السقوط القيمي الذي رافق مسيرتهم منذ نشوئها وحتى اليوم؛ حيث لا يكاد يسجل لهم موقف يمكن تسجيله ضمن مكارم الأخلاق.
تاريخهم الحافل بالجريمة جعل منهم جماعة منبوذة حيث حلت، فرضوا أنفسهم على الناس فرضاً فرز الناس إلى رافض جريء يجاهرهم بالكراهية؛ ورافض خفي يجاهرهم بالود وقلبه يلعنهم. أما الأصناف الراضية عنهم فهم صنف هاشمي يرى المعركة مصيرية؛ وصنف مؤتمري رضاه عنهم مرهون برضا الزعيم وسرعان ما سيزول هذا الرضا.
يدركون حقيقة أنهم جماعة منبوذة من خلال حالة الجفوة بينهم وبين المجتمع؛ يدخلون المسجد ليخطبون فلا يستمع لهم سوى أعمدة الجامع وعكفة الخطيب والبقية يغادرون بحثاً عن خطاب متزن يضيف إلى نقاء سرائرهم ولا يلوثها..
يدخلون المدارس فيرجمون بالأحذية والحجارة ويطلبون ترديد الصرخة فيردد الطلاب الأسوياء بفطرتهم الصافية النشيد الوطني..
ويدخلون الجامعة فيجدون بضاعتهم مزجاة رديئة وبذورهم الفكرية ضعيفة لا تتحمل وهج النور الجامعي فتذبل على الأسوار...
هم أعداء أنفسهم قبل أن يكونوا أعداء لغيرهم وإنجازاتهم البديلة للمحاضن التي رفضتهم هي التوسع في السجون والمقابر؛ سجون لخصومهم وقبور لضحايا الضخ الفكري من أتباعهم الذين أسكروهم بالوهم فذهبوا إلى حتوفهم تحت تأثير خدر الخرافة.
جيل من أتباعهم قضى ضحية خداعهم ومثلهم معهم من إخوانهم الذين أوهموهم أنهم دواعش وعملاء لأميركا فصرف الوطن فلذات الأكباد وخيرة الرجال من الشباب الذين كان يعول عليهم في بناء الوطن.
بون شاسع بين الشعار والواقع وبين القيم والممارسة جعل فترة الخداع قصيرة إذ سرعان ما اكتشف الناس حجم سوء لم يعهدوه في زمنهم ولم يسمعوه أو يقرأوه في كتب التاريخ...
الواقع الذي شاهده الناس جماعة اغتنت وافتقر الناس وشبعوا وجاع الناس وأمنوا وخاف الناس وسكنوا القصور والتحف الناس العراء فكان بعدهم عن منهج علي كبعد خصومهم عن نهج يزيد.
الأخلاق هي التي أسقطت دول شرق آسيا سقوطاً ناعماً في قبضة حضارة الإسلام..
والسقوط القيمي هو الذي ساهم في اضمحلال الدويلات الشيعية التي قامت بشعار محبة آل البيت وسقطت بترك نهجهم بل والطعن فيه والحركة الحوثية واحدة من تلك النماذج التي أساءت إلى تاريخ الإسلام وسينالها مصير أسلافها فتشابه المقدمات يقود إلى نفس النتائج...