قال تعالى:[ ومِمّن حَولَكُم مِن الأعرابِ مُنافقُون ومِن أهلِ المَدِينة مَرَدُوا على النفاق لا تعلمُهم نحن نعلمُهم سَنعذبهُم مَرّتين ثمّ يُرَدّون إلى عَذاب عَظِيم]" التوبة: 101"، وقال تعالى: [لئِن لمْ ينته المُنافِقُون والذين في قلُوبهم مَرضٌ والمُرْجِفون في المَدِينة لنغرِينّك بهم ثمّ لا يُجَاورُونك فيها إلا قلِيلاً" الأحزاب: 60" .
من الإرجاف والتخذيل والتعويق الذي يحدثه المنافقون ويدخل ضمن العيار الثقيل، حيث يقدح في أصول الإسلام الكبرى، وحقائق الدين الكبرى، وفي أسس العقيدة الإسلامية، وفي منطلقات الفكر الإسلامي وثوابته العظمى هو تقديم الولاء الكامل والمتكامل للكافرين من اليهود والنصارى والمشركون العرب، واتهامهم الله ورسوله مباشرة بالخديعة لهم والتغرير وعدم الصدق والوفاء معهم في القول والفعل يقولون ذلك أمام الله وأمام رسوله، وأمام الذين آمنوا! فهاهم أهل الإرجاف والتخذيل من المنافقين يتزاحمون عند أبواب الكفر، ويحملون مفاتيح الكفار للولوج إليه ومبايعته، ويركبون وسائله الكفرية، ويعتنقون عقيدته الباطلة الكافرة في حالات السر والخفية، وفي حالات الجهر والعلن وإن كانوا في في جبهات المسلمين فينكشوا ويفتضحوا بفضح الله لهم وكشفه، فتظهر علامات ذلك في أقوالهم وأفعالهم بغير خفاء، ويكفي في ذلك أنهم يقولون في أثناء المعركة: (مَا وعَدَنا اللّه ورَسُولُه إلا غُرُورا).
فهذه الطائفة النفاقية تعمل في الليل والنهار للتشكيك في مبادئ العقيدة وثوابتها وبحقائق الدين الكبرى، تنتج النفاق الثقيل الذي يضرب ضرباته في أسس الإيمان وأركان الإسلام، وفي المنطلقات الأولى، الله، الكتاب، الرسول، فيعمدون إلى إلقاء التهم الباطلة والاتهامات الزائفة، بل لا يقفون عند توجيه اتهامهم لبشر مثلهم غير معصومين في مستواهم، فقد يرفعون سقف الاتهامات فتكون كبيرة ومغلظة ومن ذات العيار الثقيل، فيتهمون الأنبياء والرسل بما لا يليق بهم، ويرفعون أكثر وأكثر فيتهمون الخالق سبحانه وتعالى، بما لا يليق به ولا يصح، وهذه إرجافات وبلبلات وتثبيطات وتخذيلات يضعونها بين يدي الذين آمنوا وجاهدوا في سبيل الله ويستمرون على ذلك ويأمرون أتباعهم بذلك، تستخدم طوائف النفاق هذا السلاح الفتاك في زعزعة إيمان المؤمنين وثقتهم بالله ورسوله والحق الذي اتبعوه وآمنوا به .
وقد تَنقُل هذه الإرجافات أصحابها من الإيمان إلى الكفر والعياذ بالله، وهم في ذلك يسعون للخلاص بأنفسهم من خياناتهم المتكررة المكشوفة للوحي، ويبررون تقصيرهم، ويسترون فضائحهم، وكأن الغير خانهم وغرّهم، على أنهم كانوا هم باستطاعتهم فعل المطلوب المنشود لولا أن القيادة المخلصة ليست معهم، وأن الأمر خارج عن إرادتهم، أو أن الواقع ليس تحت سيطرتهم، والإمكانات ليست تحت تصرفهم، فيلقون باللائمة على الله - تقدست أسماؤه وصفاته- وعلى رسوله الكريم المعصوم المؤيد بالوحي، يطعنون بالوحي ومصدره ومبلغه مرة واحدة، وهذا إرجاف وتخذيل ونفاق من العيار الثقيل بلا شك.
بل، وهل هنا أثقل من هذا أن تشير بأصابع الاتهام إلى خالق الكون والأنام، وإلى رسوله المصطفى خير البرية والأنام، قال تعالى: [وإذ يَقول المنافقون والذين في قلوبهم مَرض ما وعَدنا الله ورسوله إلا غرورًا]" الأحزاب: 12 "، [وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية] " عمران: 154" [يخفون في أنفسهم مالا يبدون لك] " 154" ،[يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون]" عمران: 167 " .
أستاذ مشارك- كلية الآداب- جامعة تعز
◀يتبع5⃣