الوئام الاجتماعي هو الرأسمال الحقيقي، الذي يتساوى، بل ويفوق، في القيمة والأهمية، كل مصادر الثروة المادية في أي بلد.
والإنجاز الوحيد الذي حققته جماعة الحوثي حتى الآن - بالمعنى السلبي بالطبع - يتمثل، حصرا، في كونها نجحت في نسف حالة الوئام الاجتماعي اليمني من أساسها.
نسفتها تماما، مثلما تنسف بيوت خصومها بالديناميت، بحيث أن المجتمع اليمني سيحتاج إلى سنين، بل إلى عقود، طويلة لإزالة الآثار، ومعالجة التهتكات في نسيجه الاجتماعي.
وهي الآثار والتهتكات الناجمة عن المغامرة الإنقلابية الحوثية الطائشة.
والملاحظ أن الجماعة، وقد انقلبت على مؤسسات الدولة، لا تسعى إلى التمأسس كدولة، بل تسعى، وفق مؤشرات وقرائن وشواهد ودلائل عديدة، إلى التحقق والتموضع كجماعة فحسب،.
أي إلى التمأسس كهوية خاصة، ضدا على فكرة الدولة وعلى الهوية الوطنية الجامعة.
إذ هي تسعى إلى التجوهر، كأداة فرز وإفراز، طائفية وتطييفية، تقسم المجتمع إلى هويات ضيقة، متنافرة ومتناحرة....
ولنا أن نلاحظ أن انقلابها هو الانقلاب الوحيد في كل تاريخ العالم، الذي يستاء قادته من استقالة الرئيس المنقلب عليه وعلى سلطته، معتبرين أن استقالته خيانة.
انقلبت تحت لافتة الشراكة " لامناص من الشراكة " وانقلابها يستهدف السعي إلى السيطرة على مفاصل القوة ومصادرة ممكنات القرار السيادي للدولة، وتحويل مؤسسات الدولة، بما فيها الرئاسة، إلى واجهات ديكورية، شكلية، تجمل وجهها " القبيح " كمليشيا.
إنها لا تسعى إلى الحكم، بل إلى التحكم، أي إلى الاستئثار بخيرات الحكم وامتيازاته، ولكن دون تحمل أعباء الحكم وتبعاته.
السلطة مسئولية، غير أن الجماعة تسعى إلى الاستحواذ والسيطرة والاستئثار، دون تحمل أي مسؤولية.
حتى أن مسئولية دفع وتسليم مرتبات موظفي الدولة، مدنيين وعسكريين، تسعى إلى تحميلها " الشرعية "، دون أي شعور بالمسئولية تجاه الناس.
بعبارة أخرى، إنها تسعى إلى الغنم دون الغرم، مثلها مثل أي دكتاتورية ذات مسئولية محدودة.
الذي يدفعنا إلى قول هذا هو أننا في وطن وليس في صالة قمار.
أنتم، ونحن، يمنيون حتى العظم، ولسنا في وارد التصنيف : رافضة ومجوس. إذ نحن، جميعا، معجونون بطين هذي الأرض.
نحن هنا، في صنعاء، في مرمى نيرانكم، وفي متناول سلطات الاعتقال.
هائل سلام
دكتاتورية ذات مسؤولية محدودة 1056