منذ يومين بدأ سريان هدنة لوقف المواجهات العسكرية المشتعلة في اليمن منذ أكثر من عام ونصف العام بين قوات الشرعية وجماعة الحوثي، والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهي مواجهات أسفرت عن سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، فضلاً عن تشريد مئات الآلاف ودخول البلاد مرحلة مجاعة شاملة، وفق تقارير الأمم المتحدة.
سبق للأمم المتحدة أن أعلنت عن هدنتين رئيسيتين، كانت أهمها تلك التي سبقت مشاورات الكويت في العاشر من شهر إبريل/ نيسان الماضي، والتي كانت تعد واحدة من الاتفاقات المتقدمة التي جرى التوافق عليها بين الأطراف المعنية في اليمن والأمم المتحدة، بالتنسيق مع قيادة التحالف العربي، الذي يقود مواجهة عسكرية ضد الحوثيين وصالح بموجب طلب من القيادة الشرعية للبلاد، إضافة إلى الدول الكبرى في مجلس الأمن الدولي.
لم يتم الالتزام بالهدنتين السابقتين، فقد جرى خرقهما مع استمرار المواجهات في كل جبهات القتال، بل إن بعض الجبهات اشتعلت أكثر مما كانت عليه قبل الهدنتين، بخاصة في مدينة تعز، التي أخذت النصيب الأكبر من المواجهات الدامية بفعل إصرار الحوثيين وصالح على عدم منح المدينة السكينة والهدوء اللذين تحتاج إليهما لإعادة الحياة إليها بعد حصار ظل مستمراً منذ بدء الحرب في مارس/ آذار العام الماضي ولا زال قائماً في بعض المناطق.
ليس المهم إعلان الهدن، بل الالتزام بها قولاً وعملاً، فهذا هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن يقود إلى التوصل إلى حلول سلمية، التي بدونها لن يكون بمقدور أحد المساعدة على تحقيق الأمن والسلام في بلاد كان كثيرون يعتقدون أن حرباً شاملة كالتي تدور اليوم ستشهدها.
دفع الحوثيون وقوات صالح الناس إلى الاحتراب والاقتتال تحت دعاوى عدة، كانت من أهمها إلغاء الجرعة السعرية التي اتخذتها الحكومة في مجال النفط، وبالتالي إسقاطها، وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وفي الحقيقة لم تكن هذه الدعاوى سوى مبررات لإسقاط الدولة بأكملها، إذ إن الوضع اليوم صار أسوأ بمئات المرات عن تلك المرحلة، وزاد الأمر سوءاً أن الحوثيين، وبمساعدة من صالح، تمكنوا من السيطرة على العاصمة صنعاء، ثم هرولوا إلى أبعد من ذلك بالنزول إلى عدن ومطاردة الرئيس عبد ربه منصور هادي بالطيران إلى القصر الرئاسي الذي احتمى به في معاشيق بعدن، قبل أن يتدخل التحالف العربي لإعادة الشرعية بطلب منها.
ربما تكون هذه الهدنة أكثرها أهمية نظراً للإحباط الذي أصاب أطراف الصراع من تحقيق نصر حاسم، وبالتالي أصبحت ضرورية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في بلد يتشظى كل يوم، إلا أنها كالهدن السابقة لن تصمد كثيراً، بخاصة مع الخروقات الكبيرة التي قامت بها جماعة الحوثي وصالح منذ الساعات الأولى لسريانها، ما يعني أن الوقت لم يحن بعد لتضع الحرب أوزارها وبشكل نهائي.
صادق ناشر
هدنة لم تصمد 1056