عندما أطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا دعوتهما لوقف إطلاق النار في اليمن تحدثنا يومها عن (جدية الدعوة وجدية الاستجابة)، وتوقعنا ألا يستجيب الانقلابيون لتلك الدعوة عطفاً على مواقفهم السابقة التي لاتستجيب لاي دعوات في الإطارين السياسي والعسكري، وكان ما توقعنا.
الانقلابيون لهم أجندة إيرانية ينفذونها، ولا يستطيعون الحيدة عنها ولا حتى قيد أنملة، تلك الأجندة تضع استمرار النزاع على رأس اولوياتها بغض النظر عن مصالح اليمن والشعب اليمني فذلك لايعنيها لا من قريب ولا من بعيد، فإيران وجدت في الانقلابيين دمية يتم التلاعب بها كيفما شاءت ومتى ما شاءت ضاربة على وتر الطائفية البغيضة التي تحاول زرعها في المنطقة العربية، ونجحت في مخططها في سورية والعراق ولبنان وتريد أن تفرض ذات الأمر في اليمن بحثاً عن مصالحها المبنية على بث الفرقة والتشرذم لتكون لها كلمة أساسها الهدم والتقويض للمجتمعات العربية من داخلها، ومن ثم تعيين وكلاء في المنطقة يحققون لها مصالحها.
الدعوة الأميركية - البريطانية لوقف النار لم تكن جادة بما فيه الكفاية وإلا لما كنا نرى الانقلابيين وقد خرقوه بعد دقائق من سريانه استخفافاً بالقرارات الدولية والأممية، غير عابئين بأي عواقب كونها غير موجودة ضمن خيارات المجتمع الدولي وإلا كنا رأيناها، او حتى سمعنا عنها في مناسبات مماثلة سابقة، وكانت تردع الانقلابيين عن استمرار عبثهم وعدم اكتراثهم بتلك القرارات وما قد ينتج من عدم تنفيذهم لها، ولكن المجتمع الدولي، وعلى الأخص الأمم المتحدة، التي لا تتحمل مسؤولياتها كما يجب أن تتحملها، وفي أحيان كثيرة تتقاعس عن أدائها لواجباتها لسبب او لآخر، وهذا أمر في غاية الخطورة ليس على اليمن فحسب ولكن ايضا على المشهدين الاقليمي والدولي باهتزاز الثقة والصدقية في وجود القدرة والرغبة الحقيقية في حل العديد من الأزمات وأزمة اليمن من بينها، كما أنها تبين الانتقائية في التعامل مع الأزمات حسب مصالح الدول الكبرى.
صحيفة الرياض
انتقائية التعامل 1013