أهم رجل يمني أعاد للبزة العسكرية شرفها - برفقة الشهيد القشيبي - يغادر البلد، إلى السماء!
لم يغادر نحو أكاديمية عسكرية، ولا دولة أخرى، ولا فندق، ولا شاطئ ومتنفس، ولم يذهب أيضا ضمن وفد عسكري، أو برفقة شخصيات سياسية، بل ذهب إلى الله، إلى حيث يذهب الرجال الحقيقيون!
عبدالرب الشدادي، البطل الذي يتتبع الرجال آثار خطو قدميه وهو يقاتل، شهيدا.
البطل الذي كانت صنعاء ترتقب صوت وقع بيادته التي تزن ألف وجه من وجوه قادة كانوا أرفع منه رتبا، لكنهم خانوا حين العسرة، وصاروا بيادات رثة، ليحتفظ هو برجولته التي فاضت على جميع من حوله، ليتقدمهم هو في موكب التحرير، واستعادة الدولة المغتصبة!
الشدادي شهيدا، ونعيه لا يأتي ببيان، ورثاؤه لا يكون بمقال أو قصيدة..
رثاؤه يكون بتحرير البلد من أقصاه إلى أقصاه، وبلد آخر أيضا حتى في أدنى الأرض!
رثاؤه يكون بتطهير الجيش اليمني الوليد من الفاسدين، ضعاف النفوس، مرضى الضمائر، وكذا أكلة حقوق الجنود وبائعي الفول والكدم..!
شخص كالشدادي، روى الصحراء اليمنية من عرق جبينه، ودماء أهله وأقرب أقاربه، ودم إصاباته المتعددة، وأخيرا بنزفه الطاهر الأخير في معارك تطهير صرواح، يستحق جيشا مليئا بالرجال، يبدأ من حيث آخر خطوة للشدادي، ولا يتوقف إلا ورقبة علي عبدالله صالح معلقة على باب اليمن !
سيفرح الانقلابيون، ولن نبكي.
لن نقول إن ملائكة يرتدون ثيابا بيضاء كانوا يقاتلون مع الشدادي.
كان الشدادي يقاتل في وضع مليء بالأعين الحمراء، والوجوه الصفراء القبيحة..
كان بالنسبة للشعب الذي أذاقته المليشيا المر، كل الشرف، كل الرجولة، كل الكبرياء اليمني العصي على الإذلال!
أما بالنسبة للمليشيا، فكان خصما صلبا، ورجلا من فولاذ!
ذات حين ليس ببعيد، استمات عبيد علي صالح وعبدالملك الحوثي في الدفاع عن "تبة المصارية" ومن ثم "جبل هيلان" في مأرب..
فرحنا بسقوطهما، واليوم يفرحون برحيل قلعة مأرب الشامخة، الشدادي، لكن ليس إلى حين!
آثار خطو الشدادي على الصحراء ستستفز العابرين، وتستنفر كل الجمهوريين..
وإن رحل بطل، أنجبت الصعاب بطلا آخر، يكمل المسير، ويفسد على أعداء الجمهورية فرحتهم، وفي حين يذهب "الملصي" وكل القيادات الانقلابية الهالكة إلى الجحيم، يذهب الشدادي للتربع على قلوب اليمنيين، مزاحما الثلايا وعلي عبدالمغني والزبيري ولبوزة والقشيبي، وكل من لا تنساهم ذاكرة الجمهورية اليمنية إلى الأبد!
طارق البنا
على عجالة..عن قلعة الجمهورية الشدادي! 939