(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي).
ترجل القائد الكبير والمقاوم الأول، صانع الانتصارات في لحظات اليأس، اللواء/ عبد الرب الشدادي.
أقسم ألا يعود من جبهة صرواح إلا منتصرا أو شهيدا. وقد صدق الوعد وأوفى العهد. انتقل إلى عليين وقد دنت ثمار انتصاراته التي سقط وقودا مباركا لوهجها المقدس في سبيل الجمهورية والحرية.
لعشاق الحرية أن يفخروا بابن الجمهورية الشهيد اللواء/ عبد الرب الشدادي، ولي أن أفخر به أيضا كابن مديريتي (العبدية) إحدى قلاع سبتمبر التي أنجبت الشهيد/ أحمد عبدربه العواضي والشهيد ناصر الأحرق وقادة كثر وقدمت قوافل الشهداء لدحر النظام الإمامي الكهنوتي.
وحين كادت اليمن أن تسقط مجددا في براثن تحالف المشروع الإمامي الجديد والحاقدين على الجمهورية انتضت العبدية اللواء/ عبد الرب الشدادي الذي وقف في وجه تحالف الجريمة يجدد روح الجيش الوطني ويعزز ثقة الشعب بانتصاراته.
قدم عشرات الشهداء من أسرته ومن شباب مديرية العبدية وليس من جبهة في مأرب والجوف ونهم والبيضاء إلا قدمت العبدية فيها شهيدا.
كان رحمه الله سبتمبرياً أصيلاً بما تحمله روح سبتمبر من مبادئ نبيلة غايتها الانتصار للشعب والوطن. أصيب في معركة الدفاع عن الجمهورية أكثر من مرة واستشهد بجواره الكثير من أقاربه ومرافقيه وقد كان آخر اتصال لي به قبل ثلاثة أيام أعزيه في استشهاد اثنين من أقاربه كانوا برفقته.. كانت السابعة مساء وكنت أسمع قعقعة السلاح. شعرت بالخطر عليه وحاولت إقناعه أن يكون في موقعه كقائد للمنطقة العسكرية الثالثة وليس مقاتلاً في الجبهة. وحين بلغني أنه قد أقسم ألا يعود من الجبهة إلا منتصرا أو شهيداً قلت له، رحمه الله، إن النصر لا يتحقق باكتساب معركة صرواح فحسب بل بكسر وهزيمة هذا المشروع الإمامي الفارسي في كل اليمن. وإن هذا الانتصار الكبير يحتاج لقادة أمثاله وإن فقده سيمثل خسارة كبيرة للوطن والشرعية. كانت أصوات الرصاص والقذائف تنهال عليه وكان يبادلني الحديث والضحكات رابط الجأش كأنه على ضفاف النيل.
قال إن القادة الحقيقيين هم الشباب المجهولون الذين يتسابقون في الجبهات على الشهادة وأن الشهادة أسمى ما يتمناه وأن اليمن فيها قادة مثله وأحسن منه قادرون على حمل الراية وكسر هذا المشروع الظلامي.
شعرت حينها أن خطرا حقيقيا يحدق به وأن دوام بقائه في الجبهة سيجعل عصابات الانقلاب والإجرام تكتل جهودها للنيل منه لمعرفتها بقيمة الرجل ودوره.
اتصلت بالأخ والصديق/ أحمد ناجي الشدادي، أعزيه في الشهيد الثاني من أبنائه في هذه المعركة واتصلت بالوالد العزيز/ عبدالعزيز الشدادي أعزية في أخيه الذي استشهد في الجبهة بجوار القائد الشدادي، وطلبت منهم أن يذهبوا إليه وأن يضغطوا عليه للرجوع من الجبهة وممارسة دوره في قيادة المنطقة. لكنه أبى إلا أن يقاتل في مقدمة الصفوف ويسقط شهيدا إلى جوار علي عبد المغني في صرواح ويكون بطل الجمهورية الثانية بلا منازع.
ترجل صانع الانتصارات في لحظات اليأس.. ترجل وقد ترك مأرب أكثر أمنا من سراق الحلم والجمهورية، أكثر اطمئنانا لزوال أعدائها واليمن أقرب إلى النصر الكبير الذي ليس لنا عزاء إلا أن يتحقق.
أعزي أبناء الشهيد أبنائي وإخوانه إخواني من آل شداد وأبناء العبدية خاصة وزملاءه في الجيش الوطني والقيادة الشرعية وكل أبناء اليمن عامة في هذا المصاب الجلل الذي بفقدانه يفتقد الوطن والشرعية قامة وطنية عالية وقائدا عسكريا استثنائيا.
لكننا على ثقة أن الانتصارات التي كان فاتحتها وحامل رايتها ستتوج بالنصر الكبير. ولقد كان آخر ماقاله لي: "تأخرت علينا ونحن بحاجتك هنا"، فوعدته أن نلتقي قريبا، وأقول لك اليوم يا أبا يوسف إننا على دربك سائرون وإلى النصر ماضون، وللشهادة من أجل الوطن والكرامة والدين تواقون.
حسين العواضي
وترجل البطل 1392