المثل الانجليزي يقول (المصائب نادرا ما تأتي فرادى) فاليوم هناك أكثر من مصيبة تهدد العرب الذين يعيشون في غفلة ويغطون في سبات عميق رغم ما يملكونه من إمكانيات مادية وموارد طبيعية ويجمعهم دين واحد ولغة واحدة وتاريخ ومصير مشترك ولكن القلوب غير صافية والنوايا ليست صادقة فهم اليوم غثاء كغثاء السيل كما جاء في الحديث الشريف (سيأتي يوم تتكالب فيه الأمم عليكم كما تتكالب الأكلة إلى قصعتها فقال الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم أو من قلة حينئذ يا رسول الله فرد عليهم قائلا: بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل).
المصيبة الأولى هي ما يحدث في حلب من مجازر وقصف وحشي من الطيران الروسي والسوري وتكالب المرتزقة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وبقية الميليشيات التابعة لنظام الولي الفقيه على مدينة حلب الصامدة وسط صمت عربي إسلامي دولي مريب بل إن الولايات المتحدة الأميركية قد أدارت ظهرها ونفضت يدها وهو ما عبر عنه وزير خارجيتها جون كيري في تصريح مسرب لاجتماع له مع نشطاء سوريين في هيئة الأمم المتحدة مؤخراً أكد لهم فيه أن دخول أميركا الحرب وتسليح المعارضة السورية سيؤديان إلى نتائج عكسية واعترف بفشل السياسة الأميركية في سوريا وأن الحل هو في انتخابات يشارك فيها الجزار بشار وهو ما كانت ترفضه أميركا سابقا وتصر على رحيل الأسد من المشهد السياسي والالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالقضية السورية. وسط هذا الصمت والتخاذل العربي والدولي كان هناك استنفار للدبلوماسية الكويتية لنصرة حلب، حيث دعت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى عقد جلستين فوريتين وطارئتين وتتوقع مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى عقد الجلستين خلال اليومين المقبلين وقد جاءت دعوة الخارجية الكويتية نتيجة للتدهور الحاد للأوضاع في حلب والتركيز على الجانب الإنساني وهو أقل ما يمكن القيام به في تلك الظروف الخطيرة والمدمرة.
إن هذا التحرك المحمود والمشكور الذي تقوم به وزارة الخارجية الكويتية يأتي من منطلق أن الكويت مركز إنساني عالمي تحت حكم وقيادة قائد الإنسانية حكيم العرب صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد -حفظه الله- ولكن على بقية الدول العربية والإسلامية وخاصة المؤثرة منها مثل المملكة العربية السعودية وتركيا ومصر أن تذهب أبعد من التحرك الإنساني وأقصد هنا تزويد المعارضة السورية الممثلة في الجيش الحر والفصائل المؤيدة والمتعاونة معه بالصواريخ المضادة للطائرات والصواريخ المضادة للدروع وأن تتجاهل الفيتو الأمريكي على تسليح المعارضة السورية وتركها مكشوفة أمام الجيش السوري وجيوش الاحتلال الروسي والإيراني.
أما المصيبة الثانية والمتمثلة في إقرار الكونغرس الأمريكي لقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب أو ما يسمى بالجاستا بعد الفيتو المسرحي المكشوف الذي قام به الرئيس الأميركي أوباما. إن هذا القانون الجائر يأتي في إطار مؤامرة أمريكية صهيونية على الدول العربية والتي كشف عنها رئيس المخابرات المركزية الأميركية السابق وليم كرسبي في محاضرة له ألقاها في لندن سنة 2003 قبل الحرب على العراق حيث قال إن العراق هدف تكتيكي والمملكة العربية السعودية هدف استراتيجي وجمهورية مصر الجائزة الكبرى.
إن مؤامرة الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة قد بدأت بالفعل في سنة 2003 بعد إسقاط نظام المقبور صدام وتسليم العراق للنظام الإيراني وبعد اندلاع ثورات الربيع العبري أو الإسرائيلي والتي كان الهدف منها السيطرة على مصر والتي أفشلها وأجهضها الشعب المصري في ثورة 30 يونيو 2013 بعد الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين والذي اعتبر انتكاسة كبرى للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة. إن قانون الجاستا هو استكمال للمؤامرة التي تصر الولايات المتحدة الأمريكية طبعا بالتفاهم مع الكيان الصهيوني ونظام الولي الفقيه على المضي قدما فيها وتنفيذها وكان المدخل الجديد هو قانون الجاستا الذي يهدف صراحة لتحقيق الهدف الاستراتيجي وهو السيطرة على السعودية وذلك برفع قضايا من أهالي ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر على المملكة ومطالبتها بتعويضات تصل إلى 3 تريليونات ونصف التريليون دولار مما يعني أولا الحجز على الاستثمارات والأرصدة السعودية في بنوك أميركا والتي تصل إلى 750 مليار دولار منها 130 مليار سندات خزينة للحكومة الأميركية وعندما تعجز السعودية عن الدفع سوف يتم رهن النفط السعودي مما يعني نهب مقدرات وثروات المملكة ولكن بطريقة قانونية!!.
الرئيس المصري/ عبدالفتاح السيسي في أكثر من لقاء وتصريح يركز على أن أمن دول الخليج وفي مقدمتهم المملكة جزء لا يتجزأ من أمن مصر وهو خط أحمر وكانت له عبارة شهيرة للدفاع عن أمن الخليج وهي (مسافة السكة) وبالتأكيد هو لم يركز في أغلب تصريحاته على هذه القضية إلا لأنه على علم ودراية كاملة بالمؤامرة التي تخطط لها أميركا بالتفاهم مع الكيان الصهيوني والنظام الإيراني.
قلنا مراراً وتكراراً إن استقرار المنطقة والعالم العربي والإسلامي مرتبط باستقرار وأمن جناحي العرب المملكة العربية السعودية ومصر ولابد من تكثيف التنسيق الأمني بين دول مجلس التعاون بقيادة المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر ومحاولة إنهاء الخلاف المصري التركي وتقريب وجهات النظر بينهما وحل المشاكل العالقة لأن تركيا لاعب رئيسي بالمنطقة وهي عضو في التحالف العسكري الإسلامي الذي تقوده السعودية علاوة على أنها عضو في حلف الناتو فالمثلث السعودي المصري التركي هو الطوق الذي يحمي المنطقة ويحافظ على أمنها واستقرارها فهل يصحو العرب وأيضا المسلمين قبل فوات الأوان قبل ضياع العراق وسوريا وكذلك دول أخرى كما ضاعت فلسطين ؟!.
أحمد بودستور
أيها العرب..أنقذوا حلب وانتبهوا إلى شر قد اقترب!! 795