📖 قال تعالى:[[ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ]] " عمران: 26 ".
📚 كثيرة هي المعاني التي تحملها هذه الآية القرآنية، ومن تلك المعاني الظاهرة التي تغرسها هذ الآية في الشخصية المسلمة التي تنشد الهداية والاستقامة، وتنشد قيم العدل والحرية والمساواة بين الناس هي: التحلي الخالص والتخلق الصادق بالثقة بالله والاعتماد عليه والركون عليه كليَّة، التحلي بالثقة المطلقة بالله -سبحانه وتعالى- في مختلف الشؤون الإنسانية الخاصة والعامة في هذه الحياة الدنيا لتشمل متعلقاتها الدينية والتشريعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية والتعليمية والحقوقية، في الأرزاق والآفاق والآجال، في التنمية والبناء في الماديات والمعنويات على السواء.
📚 وكذلك التعاطي مع الثقة المطلقة بالله في الشؤون الأخروية المترتبة على الحالة السلوكية الدنيوية للإنسان، فالملك بيد الله، يعطيه من يشاء. ونزعَه بيد الله، ينزعه ممن يشاء، ومتى شاء، وكيف شاء. والعز بيد الله، يعز به من يشاء من عباده. والذل بيد الله، يذل به من يشاء ومتى شاء، وكيف شاء، ذلك أن الله بيده الخير وهو مالكه، والقادر عليه، بل هو على كل شيء قدير، وفي هذا الإطار القدري العام يتحرك الإنسان ويجتهد الآليات ويأخذ بالأسباب وكله ثقة واطمئنان عند المحصلة النهائية والعائد الحصادي الأخير.
🔴 وبناء عليه فإن الثقة المطلقة بالله هي: القوة في التوكل على الله والاعتماد عليه، بعد بذل الجهد في الأخذ بالأسباب المشروعة في الأشياء ذات العلاقة. وتعني المعرفة المتعمقة بالله، وبفلسفة أسمائه الحسنى وصفاته العليا ومقاصدها المثلى، فمثلا تكون ثقة المؤمن بنصر الله مطلقة لأن الله هو الناصر على الحقيقة ، تكون بعزة الله وغلبته لأن الله هو العزيز الغالب المعز المذل القاهر، وأن الضر والنفع بيد الله، ذلك لأن الله هو المعطي، الرزاق، المانع، القابض والباسط، والغني، المحيي، المميت، المقدم، المؤخر، وأن الله هو الخالق المتصرف في الأكوان العلوية والسفلية وما بينهما، بيده الأمر كله، من قبل ومن بعد، المتصرف في شؤون خلقه وكل هذا جالب للثقة المطلقة بالله.
أستاذ التفسير وعلوم القرآن المشارك- جامعة تعز.
يتبع2
د. عبدالواسع هزبر
فلسفة الثّقَة المُطْلِقة باللَّه وحتميتها للمؤمنين1 1277