📖 قال تعالى: [فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ۚ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبين() فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِين] "القصص:18-19".
🔴 وعت القيادة الموسوية بأن القضية برمتها تكمن في أمة تائهة تعبد البشر والحجر والشجر من دون الله، وترزح تحت تسخير وتعبيد الإنسان لأخيه الإنسان، بقوة الحديد والنار والمال، قهرا وتجبرا وبطشا، وليست القضية في حجمها المنظور بين شخصين متخاصمين يقتتلان هذا من شيعة موسى -عليه السلام- وهذا من عدوه يستصرخانه، ليست فيها انتصارات لفلان، أو انتقام لعلان، أو سين، أو صاد من الناس، القضية في حجمها الحقيقي في أيام موسى -عليه السلام- وكما هي في هذه الأيام، هي الوقوف أمام من يتنكر للحق ويجحده، يصد عن سبيل الله ويبغي عليه، ينفق أمواله وجنوده ومليشياته وعياله وآل بطنيه ليقتلوا الشعب ويستعبدوه وينصروا الشيطان وشيعتهم، يتسيِّدوا على الناس ويستعبِدوهم.
🔴 القضية اليوم هي في حاكم دخيل على الإنسانية، دخيل على البشرية، دخيل على الآدمية، في مدع للأولوهية، وعلى أقل تقدير مدع للحق الإلهي، القضية تكمن في حاكم ظالم باغ طاغ يقتل الشعب ويصرخ في الناس ويستصرخ الأمم والعالم ويستغيثهم لإنقاذه، القضية تكمن في حجمها الحقيقي في سلطة تفسد في الأرض، تهلك الحرث والنسل، وتصرخ بشعاراتها الكاذبة الخاطئة، وتستصرخ العالم لنجدتها بزبانيتها، القضية تتحدّد في شعب مكلوم، مظلوم، مقهور، مغلوب على أمره، لا يستطيع حتى الصراخ ولا حتى البكاء من القهر والإذلال، ولا يقدر عليه ولا يجرؤ. فقد وعِى موسى -عليه السلام - جيدا أنه إذا كان هناك شخص يصرخ ويستصرخه بمفرده لينصره شخصياً وعصبياً وشيعة فإن هناك شعب بأكمله يصرخ، وأمة تصرخ من ظلم الحاكم وسوطه وسطوته، وبسط لسانه ويده وقوته، وهو ما ينبغي أن تتوجه له الهمم، وتعد له العدة، ويستنفر الناس للتّخلّص منه وإراحة الشعب منه .
🎯 وهناك بنو إسرائيل لا يزالون يصرخون في العالم من أيام موسى حتى اليوم وتستمر الحكاية. اليوم يستصرخون الأمم كي يغيروا عليهم ويغيثوهم من هجمات الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين وقبطيين، الإسرائيليون يحتلون الأرض ويقتلون الإنسان ويدنسون المقدسات ثم يستصرخون العالم ليحموهم من مقاومة حماس وإرهابها لهم كما يزعمون، الإسرائيليون أفعالهم مستمرة إلى اليوم، يحتلون الأرض، يؤلبون الرأي العام لصالحهم، يشترون الأنظمة والأفراد والعملاء لدعمهم، ينشؤون الجماعات والأحزاب لنصرتهم، ويرفعون مظلمتهم، ويريدون من الدول الكبرى العون والدعم المادي والمعنوي والسياسي والمساعدات والقرارات، يصرخون في العالمين الإسلامي والعربي، يطلبون الغوث والتعاون والتنسيق لقتل الشعوب والعلماء والثوار، والتصفية للإسلام، على الأقل الإسلام السياسي والجهادي والتحرري، وتجفيف منابعه الخيرية الداعمة.
🎯 فتستجيب أمريكا وروسيا وبريطانيا وروسيا وبعض الأنظمة الشرق أوسطية والعربية الفاسدة، ويغيب موسى - عليه السلام- في مشهدنا اليوم ليقول للعدو الإسرائيلي صراحة [إنك لغوي مبين] كما تواجد بالأمس فقالها وجها لوجه، لا يوجد اليوم موسى - عليه السلام- الذي استلم زمام الأمور وبادر بالمواجهة وإيقاف الاعتداء واسترداد الحقوق [ لما بلغ أشده واستوي آتيناه حكما وعلماً]، ولا من أتباعه إلا القليل، يصرخون ويستصرخون ويتصارخون في كل وسائلهم ومحافلهم، ولا موسى لهم يخاطبهم إن تفكيركم هذا وسلوككم هذا هو بالغ الضلالة والغواية وواضح الأهداف والمقاصد الإجرامية، لا يوجد من يقول لهم انتم في فلسطين جبّارون بطاشون مفسدون في الأرض مستعمرون محتلون ثم يَهمّون بهم لوكزهم بما يملكون؟!!!
أستاذ التفسير وعلوم القرآن المشارك- جامعة تعز.
د. عبدالواسع هزبر
صرخات المبطلين استدراج للمؤمنين بالأمس واليوم3 1000