📖 💥 قال تعالى: [.. قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ() قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم () قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ ] " القصص: 15-17" ] ".

🌻💥 التوبة من الذنب تحتاج إلى دليل صدق في الواقع، الاعتذار يحتاج إلى تطبيق للمعتذر منه وللمعتذر عنه، الإنابة إلى الحق تحتاج إلى أوبة فعلية، وعودة حقيقية إلى ما قبل القول أو الفعل الخاطئ، الاعتراف بالخطأ هو فضيلة، وهو حق من حقوق الذي حصل الخطأ في حقه، وحق من حقوق الآخرين، وهو مكرمة ربانية وإسلامية جعلها الله بينه وبين العباد، وبين العباد أنفسهم الذين ليسوا معصومين من الأخطاء والذنوب والمعاصي، والتوبة والاعتذار والإنابة والاعتراف قيمة إنسانية ومن خصائص الشخصية الإسلامية الإيجابية الفاعلة يقدمها الإنسان لأخيه الإنسان، وهي من حقوق ذات البين.

🌻🔥 وإصلاح الخطأ أياً كان حجمه يقوم على جانبين، الأول: هو الالتجاء إلى الله صاحب الشأن الذي له الأمر والخلق من قبل ومن بعد فيما يخصه وعباده توبة وإنابة ودعاء وطلب مغفرة وتجاوز، والثاني: هو الاعتذار والاعتراف من الإنسان لأخيه الإنسان عما بدر منه في الحالات الفردية والأسرية والمجتمعية، ورد الحقوق، وإعطاء كل ذي حق حقه ومستحقه في كل ما يتعلق بحقوق الناس المادية والمعنوية،وإعلان المسامحة وتطبيع العلاقة من جديد.

🌻💡 التوبة والاعتذار والمراجعة الذاتية من النواميس الكونية، وفي الأديان السماوية، ومنها الدين الإسلامي الحنيف، وهي سنة الأنبياء والمرسلين، لذلك ينبغي أن تترجم إلى عمل وفعل وواقع وتنفيذ، ولا تظل تتراوح في فضاء الأحلام والنوايا والأقوال والنظريات والألفاظ، لأن الأخطاء والخطايا والذنوب والمعاصي والسيئات هي ظلم للنفس، وقد يتعدى هذا الظلم للآخرين في خارج النفس والذات والأنا، وحصيلة هذا أو ذاك هو ظلم النفس، ولهذا قال موسى - عليه السلام- [ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم ]، وبعدها مباشرة جاء التطبيق العملي للإجراءات المترتبة في الواقع العقدي النظري والواقع المعاش للناس والتعامل معهم، فقال موسى -عليه السلام- [ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ ].

💥🔦 الدين نعمة والهداية إليه أجلّ نعمة، والاستقامة عليه نعمة، وعبادة الله نعمة، والاصطفاء والاختيار للنبوة والرسالة نعمة ما بعدها نعمة، ونعم الله على جميع بني آدم لا تعد ولا تحصى [ وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ]، وفي مقدمة تلك النعم نعمة الهداية والدين والإسلام والعقل [ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ]، لأن [ الدين عند الله الإسلام ]، وكلها نعم من الله منَّ بها على الإنسان.  

🌻💥 هذه النعم العظيمة التي منّ الله بها علينا ليس لها من مقابل إلا استحقاق الإيمان والعبادة والشكر والثناء والتوبة والإنابة والاستغفار عن التقصير في أداء الواجب نحو الله، ثم نحو خلقه قولا وعملا، وقد قدم موسى -عليه السلام- شكره لله على هذه النعم من حيث الجملة، وعلى نعمة الغفران والمغفرة والعفو والمعافاة بالطريقة التي تحاكي الواقع وينطلق مما يعايشه المجتمع ويعانيه، وهو أفعال الظلم والظالمين، والطغاة والطغيان، فتعهد لله والتزم بأن لا يكون ظهيرا ومعاونا ومساعدا للمجرمين.

💥💡ولقد كان موسى -عليه السلام- موفقا غاية التوفيق، وبلغ نهاية الصواب والحقيقة حيث ربط مقابلة ما أنعم الله به عليه بتوجيهه وتوجّهه كلية إلى طاعة لله واتباعه، ومعادات الكافرين والطغاة والبغاة والظالمين والمتألهين المتعالين على الله، ومحاربتهم، وتعبيد الناس كلهم لله، لقد ضرب موسى -عليه السلام- على وتر حسّاس في مجتمعه وفي أمته، وهو قضية الولاء والبراء، أعلن الولاء لله وأعلن البراءة من المستبدين ومن المجرمين ومن الكافرين.
أستاذ التفسير وعلوم القرآن المشارك- جامعة تعز.
يتبع2