ليس حلماً ولا تمنياً.. تعز ستعيد صياغة التاريخ الحديث لليمن الاتحادي وفق رؤيتها المدنية، وحري بعاصمة الثقافة التي دفعت ثمن الانعتاق غاليًا من الهضبة التي لا تزال تُصدّر الشر إلى عموم المحافظات، عبر الحمقى الذين استغلت جهلهم، أن تصنع المستقبل.
بقدر كل قطرة دم تعطرت بها ثرى المدينة المقدسة، سنبني وطننا وسننشر العلم والثقافة وسنعلم الناس معاني الحب والحرية والنضال والإنسانية بأسمى معانيها.
تعز.. المدينة التي دفعت ثمن التغيير في اليمن، وتم حصارها لعام ونيف، واستهدفتها مليشيات الحوثي والمخلوع بكافة أنواع الأسلحة من الرصاصة إلى الصاروخ، ولولا تحييد الطيران واستهدافه من قبل التحالف لكانت طائرات صالح تمطر المدينة بالبراميل المتفجرة.
نعم .. كان ثمن الحرية غالياً ولم تقدم التضحيات في المدينة وحدها، فهذه المدينة المباركة، التي قدمت أكثر من 2000 شهيد و18000 جريح خلال هذه الحرب، هي المدينة ذاتها التي أرسلت 15000 مقاوم من شبابها لمختلف جبهات الجمهورية.
يُدرك صالح تماماً من هي تعز لذلك وضع على أسوارها 13 لواء عسكري واستمر في إمدادهم من مختلف المعسكرات من خارج المحافظة وحشود مليشيات الحوثي التي جاءت من كل قرية في آزال، ولذلك تنتحر كتائبه وقواته على أسوار المدينة ومع كل متر يتحرر تمطر معسكرات صالح الاحياء السكنية بالصواريخ كلما انكسرت، فتستهدف المصانع والمؤسسات العامة والخاصة والمشافي لتدمير (الأرض والإنسان)، حاصرتها المليشيات لعام ونيف ومنعت حتى دخول الدواء والأوكسجين وغذاء الأطفال لتركيعها، وتعز تقول "الضربة التي لا تقسم ظهرك تزيدك قوة وارادة"، لقد حيرت كل العالم بصمودها.
عجزت المليشيات- عبر كل هذه القوة- من اقتحام تعز، فسعى صالح عبر الخونة الى محاولة زرع الفتن وتأجيج صراع حزبي وآخر مناطقي بين مختلف فصائل الجيش وحتى المقاومة وفشل. لقد وحدهم الجرح وحب تعز.
وتستمر تعز في الصمود الأسطوري على قلة مؤنة مقاومتها، وتتغنى بالحرية والمدنية، وها هي اليوم تسطر أروع البطولات لتصنع النصر الذي ينتظره الجميع في لحظات كانت تسعى المليشيات لحصار المحافظة كليًا عن طريق جبهة الأحكوم ومحاولة السيطرة على طور الباحة وخط الإمداد الوحيد للمناطق المحررة عبر مدينة التربة.
باغتهم الأبطال وكسروا الحصار الجزئي من منفذ الضباب وفتحوا أكثر من جبهة بكل حنكة وحكمة وتقدموا بشجاعة نادرة لدحر مليشيات الحوثي والمخلوع عن المدينة.. وغداً يكون الخلاص والتحرير الكلي للمدينة المقدسة، لتبدأ مرحلة البناء.
تعز على موعد مع التاريخ.. والأيام بيننا.. ستعود كل العقول المهاجرة إليها وستبنيها ولن تترك مستقبل الأجيال على قارعة الانتظار مما يأتي من شفقة الهضبتين.. بل ستعيد أمجاد الدولة الرسولية وأمجاد الحميريين الذين انطلقوا من تعز لبناء حضارة لا تغيب عنها الشمس.
وهذا الجيل أكثر قوة في العلم والفكر والشجاعة والطموح، فلا تكاد تجد مؤسسة رائدة في العالم إلا ووجدت مهندس نجاحها تعزي، نعم وبكل فخر، وإننا نراهن على هذه العقول الجديرة ببناء حضارة، نعم حضارة يتحدث عنها العرب والعجم، بقدر الكلمات التي رددها الاعلام والعالم عن حصار تعز وتضحيات تعز، سيتحدثون غداً بإذن الله عن حضارة تؤسس لها تعز بالمثقف والإعلامي والمفكر والسياسي والقائد الميداني والمهندس والفني والعامل والفلاح والتاجر والاقتصادي، وأي مدينة تحوي كل هذا غير تعز، وإن غداً لناظره قريب.
عفواً تعز.. ستعودين بأبهى صورة تليق بسموك أيتها المدينة الفاضلة.
المجد للأحرار
والشفاء للجرحى
والرحمة للشهداء
محمد المقرمي
تعز ..على موعد مع التاريخ 1158