بدت المواجهة بين الثائرين من شباب "تعز" وبين العسكر الذين خرجوا من مبنى قوات الأمن الخاصة؛ كشريط استرجاع لمشهد من مفردات ما حدث في أوج ثورة 11فبراير بين قوى النظام البائد, " الحاضر" في سيماء هذه الكوكبة من الأجناد القادمين من زمن غابر؛ حاملين معهم الشؤم والخراب لمدينة الحرية, والحب, والسلام, والنضال السلمي!

تعز مدينة الجمال, صبغت أبناءها بصبغة أزلية لم تفلح جميع المحن التي عاصروها _ خلال ثورات التحرر المتتابعة التي كانت تعز مهد توهجها عبر تاريخ اليمن الحديث _ لم تفلح في تشويه أو نزع هذه الصبغة عنهم, والتي تميز أبناء هذه المحافظة عن غيرهم..!

كان العسكر _ في جولة القصر_ على خط تماس مع الشباب الثائر غضبا من مقدم فوج الجنود إلى تعز, تلك الأرتال المبعوثة من جعبة شيطان أزمات اليمن, ذلك المتشبث بحبال الشر, والتي يلفها حول الوطن بحرفية يحسده البعض عليها!

وقفت الجحافل ثائرة, بصدور عارية, وعقول متوقدة, وقلوب ناضحة بحب الوطن أمام العربات العسكرية تهتف مطالبة برحيل هذه الأرتال الدخيلة, وإجلائها فورا من مدينتهم, التي تنبذ العنف دوما, وترفع شعار السلمية منذ اللحظة الأولى لمولد هذه الثورة ؛ تراشقوا مع بعض الجند الواقف على العربات بعض العبارات التي لم أتبينها..!

 لوح أحد الجنود بكفيه مشيعا لها في الفضاء بإشارات سخرية واستهزاء بتلك الجموع, كانت إشارته تقول " أنتم مجانين "!

فمن هو يا ترى المجنون من الفئتين؟!

إذا كان حب الوطن الكبير " اليمن " والولاء له, وحب الوطن اللصيق, مسقط الرأس " تعز " جنون ؛ فكل تعزيّ سيفخر بهذه التهمة التي سبق وأن رمى بها أعداء السلام نبي السلام محمد " صلى الله عليه وسلم "!

أخرج الشباب هواتفهم الجوالة والتقطوا المشهد..!

يسجل الثائرون كل جزئية من ملاحم طريق الثورة المنبعثة ؛ لمواجهة الضربة القادمة من الشمال, كسهم أخير يطلقه مشعوذ هذه المحنة على ثورة الشباب السلمية, وعلى حلم الدولة اليمنية المتحضرة الناهضة, وعلى أحرار تعز!

سقط قتيل, وكثير من الجرحى في معركة الرفض لجعل تعز ساحات معركة لتصفية حسابات وكسب نقاط, بين قوى الشر و العنف, المهووسون بالسلطة..!

موقف اللجنة الأمنية كان مخجلا ؛ فتصريحاتهم المتنصلة من الحدث تعيبهم ولا تبرئهم..!

والسيد المحافظ, الذي لم يعلن عن الموقف الرسمي لتعز, حيال الشرعية والانقلاب,حتى هذه اللحظة, يجعلنا نتساءل بأسى : هل ستبقى تعز فرسا أصلية دون فارس للأبد؟!

 وأما تعز الأبية؛ فليست بحاجة لإعلان من رسمي, أو بيانات براءة من اللجنة الأمنية ؛ لتنبئ العالم أجمع بأنها ما زالت تلك المدينة الملائكية الروح, فردوسية الهوى, قدسية التوجه, سلمية النضال, خالدة الوفاء, أبدية الجمال..!

سيذهب أولئك الخارجون, كصفائح صدئة من سجلات التاريخ السوداء نحو الهباء والتلاشي, وستبقى " تعز" بفكرها المتحرر, وقلبها النابض بالوفاء للوطن, وأبنائها الأحرار المحصنين ضد وباء العنف وسفك الدماء, والتهافت على السلطة, وهوس السيطرة, سيبقون خالدين خلود قيم الحرية و الحب والسلام..!

أبناء تعز هابيليو العصر..سيطردون قابيل من مملكة الحب, ليقيموا دولة السلام, سيرفعون شعار الحياة لليمن كافة ولتعز..!

سيبقى هنا نسل هابيل ؛ يصنعون الحياة بأنفاس طيبة, تنفح مسكا من الروعة والوداعة, والفكر النظيف..وسيتبدد القابيليون في مهاب الغضب الإلهي, والرفض الشعبي..!

" فأما الزبد فيذهب جفاء, وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض,كذلك يضرب الله الأمثال "!