تحت أيّ مسمى, ونتيجة لأيّ مقدمة, وتذييلا لأيّ ذريعة لن يقبل من لديه أقل نزع للضمير ما حدث في مساجدنا اليمنية في جمعة البارحة, من فحش في العداوة فاق أشنع شكل من أشكال الإجرام, وتعدى أعلى درجات الشرور في مقاييس الأبالسة, من أولئك القتلة الذين ينسبون أنفسهم زورا لهذا الوطن, و لبني البشر,أولدين الله خاصة!!
ما حدث لم يكن قتلا لأعداد من البشر دونما جناية وبدون وجه حق فحسب؛ بل هو عدوان غير مسبوق على أمن واستقرار كل أبناء هذا البلد, باستهداف لجموع غير محدودة منهم, وفي أكثر البقاع اكتظاظا بالناس في مثل هذا اليوم المقدس عند اليمانيين!
وهي طعنة قاسية لبدء مرحلة النكاية الأشد في هذا الشعب؛ و مجاهرة سافرة بإعلان الحرب على دين الله عز وجل بتخريب بيوته وإفراغها من عمارها..
قال تعالى " ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيه اسمه وسعى في خرابها.."؟!
من اقترف هذه الفعلة الشنيعة يدرك تماما بأن مساجد اليمن ليست طائفية, وأن الجميع قد يصلي في أيّ مسجد قريب منه, أو واقع على طريق بيته أو عمله, ويتوقع أن يكون أحد اقاربه موجود في هذا الجامع أو ذاك في يوم الجمعة!!
ماذا يقصدون بهذا الإجرام الفظيع؟!
هل يريدون صد الناس عن إعمار بيوت الله تعالى, وتخويفهم من دخول بيوته عز وجل؛ بل ويريدون ربط المسجد في ذهن النشء بالموت والدماء والأشلاء المتناثرة؟!!
كل أهل اليمن يعرفون بأن مرتادي المساجد في يوم الجمعة هم زهرة شباب هذا الوطن؛ حتى الذين هم مقصرون في إقامة الصلاة بقية أيام الأسبوع قلما يفرطون في صلاة الجمعة!
هل يريدون ضرب منظومة الشعائر الدينية التي تجمع وتوحد الأمة؟ فرطنا في العديد من قيم و شعائر ديننا, وبقيت هذه الشعيرة الأوحد التي مازال الكثيرون يتشبثون بها, ومن خلالها يبقون على حبل الوصل بينهم البين, و مع إله السماء!!
ثم أن يوم الجمعة هو يوم عيد لليمني, يعبق بعطر فرحة ربما تغيب عنه طوال أيام الأسبوع لتحضر في هذا اليوم؛ فلماذا يسلبوننا حتى هذه الفرحة التي نسرقها عنوة من بين ركام مآس يصبونها على رؤوسنا طوال أيام الأسبوع؟!
أنا على يقين بان شيطان هذه الجريمة لا يمكن أن يكون أحد أبناء هذا الوطن؛ وأعني المدبر لهذه الجريمة وليس تلك الأداة الحمقاء التي أتمنى لها أسفل دركات الجحيم في قعر جهنم!
هذه الجريمة ليست صنيعة يمانية, وهي مؤشر خطير على تطاول صلف من عدو خارجي يريد لهذه البلاد الخراب والدمار لما لانهاية..!
لا أدري بمن أهتف مستغيثة لدرأ هذا الشر القادم من بعيد, وبأيد قريبة كان ينبغي قطعها من جذورها منذ زمن؟!
هل أهتف بالقيادات التي تظهر تخبطا وضعفا وقلة حكمة غير مسبوقة في قادة اليمن عبر التاريخ؟!
هل أهتف بالشعب المفجوع في بنيه, والغارق في نهر دماء لا يريد النضوب؟
هل أهتف بالقادة من الأخوة العرب, التائهين في صراع ومعارك صغيرة, بعد انسلاخ مريع من مروءة العربي وأخلاق المسلم؟
أين هو سبيل النجاة من هذه المحنة السوداء المهلكة, والتي كلما قلنا ستسفر أظلمت وادلهمت..!
أخيرا :
ليس لنا بعد هذه الفواجع سوى ترديد دعاء العبد الصالح :
" وأفوض أمري إلى الله, إن الله بصير بالعباد "!
نبيلة الوليدي
الجريمة ليست يمانية..!! 2577