هناك رجال لديهم القدرة على تغيير حياة الشعوب إلى الأفضل, لكنهم في اليمن ما زالوا مغيبين، مضت قرون واليمنيون يعيشون في عبث وهم اليوم مصابون بالإحباط, يتمنون دولة واضحة المعالم, يكون فيها العودة للعقل, يتذكرون القادة الذين أسعدوا شعوبهم.. نيلسون مانديلا, واحد منهم, قاد التحرر والتحول والحرية في جنوب أفريقيا كافح ثم قاوم وسجن، عذب عندما كان الصراع على البقاء ما بين البيض والسود، صراع استمر سبعة وعشرين سنة والقائد العظيم في السجن بسبب مقاومته للمشروع العنصري الذي كان يمارسه البيض المستعمرون في جنوب أفريقيا والذي كان يمثل اضطهاداً للسود وجعلهم عبيدا..
دخل السجن وهويحمل في عقله مشروع الحرية والكرامة والمواطنة المتساوية مع البيض لم تكن مطالبه أسرية أوقبلية أومناطقية أوحزبية أومذهبية, بل مطالب شعب بأكمله وظل- طوال تلك الفترة- وهويحمل نفس المشروع حتى بعد خروجه, مستبعداً الغل والحقد والكراهية للبيض ولم يطالبهم بالرحيل من حيث جاءوا وأتوا ولم يقل لهم أنتم محتلون وغاصبون لأرضنا ولا مكان لكم بيننا ولا أنتم فعلتم بنا كذا وكذا، ولا طلب منهم تعويضاً ولا قال لهم: نريد أن نعاملكم كما عاملتمونا بالظلم والقهر والاستعباد ولم يهدد ويتوعد وهوفي نشوة النصر ولم يأمر أحداً من السود بنهب بيوت البيض أونهب الممتلكات العامة أوسفك الدماء أوالتقطع أوانتهاك الحريات ولم ينتقم ممن عذبوه وعذبوا أمثاله من السود، هذا المشروع احترمه عليه أعداؤه قبل أقربائه والبيض قبل السود ومدينة جوهانسبرغ عاصمة جنوب أفريقيا سكانها كلهم حينذاك من البيض لم يقبلوا بينهم من يسكن من السود أوينام فيها لأنهم في نظرهم عبيد وعندما كان يأتي الليل كان يخرج منها السود ولا يستطيعون المبيت فيها.. خرج الزعيم نيلسون مانديلا وفي يديه الراية البيضاء وحمامة السلام، خاطب الملايين من السود وهم في الشوارع يهتفون له.. لم يصبه الكبر أوالغرور, كان البيض في بيوتهم أمام الشاشات يتوقعون بأنه سوف يسيء إليهم بما عملوه من أعمال الظلم والذلة والهوان للسود, قال لهم: هذه بلدنا مثلما هي بلد للبيض وعلينا أن نعيش فيها جميعاً بدون تمايز القانون والنظام هومن يحكمنا والصندوق هوالحكم فيما بيننا وبين البيض ومن يحكم.
وكانت في ذلك الوقت كل المرافق في جنوب أفريقيا تحت سيطرة البيض في القضاء والشرطة والتجارة والصحة والتعليم والأولوية فيها كانت للبيض والمواطنة كانت درجات البيض أولاً والسود أخيراً، لم يتغير في عقله المشروع ولم يرفع سقف المطالب ولم يطالب بالرحيل لأحد ولم يشكل مليشيات أولجاناً شعبية أوتقديم كشوفات بالتغيير، لم ينتقم من الخصوم ولم يهيج العواطف، العرقية، أوالمذهبية أوالمناطقية للسود, ولم يقل أنا السيد أوالزعيم أوالشيخ أوالقائد أوالمعلم أوالمناضل ولم يتوعد أحداً ولم يحكم على أحد بالإعدام أوبالنفي خارج البلاد أويحدد لأحد أماكن الهروب ولم يخوّن قائداً أومديراً، بعد خروجه من منصة الحفل رمى الجنود البيض بالورود وابتسم في وجه الجميع وخاطب السود بعدم الإساءة أوالسب أوالشتم لأي واحد من البيض ولم يلصق أحداً بالظلم أوالإرهاب أوالخيانة ولم يقل لهم كما قال ضيقوالأفق والفكر في اليمن الرحيل لعفاش وأعوانه ثم تأصل الحقد والإجرام حتى أصبح عندنا مشاريع تغتال مستقبل الأجيال بمسميات روافض وإخوان ومحتلين من الشمال، الله المستعان على من يقودون اليمن وفي عقولهم هذه الأفكار .
تركيا تضرب أروع الأمثلة في المحافظة على رموزها الوطنية الذين كان لهم تاريخ عظيم في نشأة تركيا كدولة والأتراك كشعب، تركيا تشغل نفسها وتشغل العالم بضريح سليمان شاه ونحن في اليمن القادة والزعماء والمشائخ في مواجهة الشعب في اليمن، ماذا نحمل لهؤلاء سوى أننا ننتظر التاريخ هوالذي سيحكم بيننا وبينهم.. مطالبنا في اليمن ليست كبيرة بل هي الأمان والسلام والاستقرار في ظل النظام والقانون بدون مميزات لأحد أواعتبار..
جنوب أفريقيا لم تكن ديانة قائدها العظيم ولا شعبها الإسلام ولم يذكرها القرآن ولم يوصف شعبها من قبل أي رسول ولم يساند شعبها أي نبي بل كانت مهبطا للغزاة والمستعمرين ولا يفقهون من الدين كما يفقه اليمنيون.. وعلى المتصارعين أن يفهموا أن العلاقات تقاس في كل الدول بقدر المصالح التي يستفيد منها الشعب..
إلى أين يمضي بنا هؤلاء المتسلطون أقرب لنا إيران أم الخليج؟ سؤال حتى المغتربين -القوة الاقتصادية لنا- اليوم خارج التفكير ولا تهمنا أوضاعهم.. أي تفكير لمن يديرون قيادة اليمن اليوم؟ ما هونوع المشهد الذي سوف يخرجه لنا من يسيطرون على صنعاء أوعدن؟ نقول لهم قد لا تستطيعون تحمل المتغيرات وتوابعها فلا تغامروا بالوطن والشعب.
في اليمن الهابطون بالقيم لا يحملون صفة العفووالصفح والأخلاق لأنهم ليسوا بعظماء ولا يحملون في نفوسهم المحاسن والصفات التي تميزهم عن غيرهم بالصفح والعفووهي من سمات طالبي الرضا من الله والذين يهدفون من وجودهم الحياة والقبول وحسن الختام.. العفوهوالتنازل عما لحق بالإنسان من أذى ومن جرم ألحقه به الآخرين على مستوى الأسرة ثم الجيران ثم البعد المناطقي والجغرافي وعلى مستوى من هم في مركز القرار والصفح هوالنسيان للآلام والمصائب والأضرار التي فرضتها الجماعة أوالحزب على المجتمع..
إلى أين هم سائرون بنا من يحملون الغدر والنفاق والجحود، لقد فرضوا علينا كشعب توسع الذمم وجعلوا قيمنا لا ترتقي إلى حب الوطن أوإلى حب بعضنا البعض، أزمات وفتن داخلية متعددة يكون سببها تصرفات مخجلة بعيدة عن سلوك الإنسانية اليمن أصبحت مكاناً للاستقطاب ومكاناً لتصفية الحسابات من قبل الخارج.. بلد يعيش فيه الشعب على المتناقضات التي تؤدي إلى تكاثر العلل والمصائب وما علينا اليوم سوى مراجعة كل المفاهيم الخارجة والمخالفة لإنسانيتنا وأن لا تتمدد وتتوسع الذمم لتلغي من كل إنسان قيمه ومبادئه..
اليمن أصبحت في أيادي من لا يقدرون الأضرار والكم المتزايد من الأخطار ومن الأهوال ومن المشاكل سببها الشلة التي تتحكم بالمقدرات، الشلة المنتفعة التي تحكمنا بالمفاهيم المغلوطة.. عندما يتهدد الخطر حياة الإنسان يصبح وجوده على وشك العدم, تحوم حوله المهالك. يترقب, يندم, ينسى ما قدم يتذكر أنه قصر..
الوطن ضاع والعمر يصبح لحظات ويا ليته ما ضاع ولا عمر عاش لكنه ما فكر في النهاية ولا عبّر وفي النهاية مع الأسف تأتي الاستجابة الوحيدة لنداء الفطرة التي تجعل الإنسان يشعر بالخطر وهوالرجوع إلى الحق الذي يرفض الباطل ثم الوصول إلى الفضيلة والترفع عن الصغائر في ساعة ما بعد الخطر لا تكفي والفطرة تتنبه في وقت لا يكون أمامه سوى القدر يبكي على ما فات ويا ليته ما غامر..
الكثير يحسبون اليوم ان الحصول على المال باللف والدوران والحرام شطارة وهي في الحقيقة خسران لا يمكن أن يوصلهم إلى الاطمئنان وأن الفراق يأتي حينها ويتنبه الإنسان على ما كان فيه من آثام وخطايا ويصبح ضرورة إنسانية وحتمية بأن ما جمعه حرام وأن الجنة بعيدة المنال وما أكثر الذنوب التي ترتكب أثناء نشوة الانتصار والغفلة ولا يدري الإنسان بأنها عليه وبال ترفع وتتجمع وتكثر فتصبح الذنوب كالجبال والدوافع التبريرية ضعيفة لكن الأقوى هوالتوبة والرجوع والإسراع إلى الإسلام، الإسلام الصحيح وليس الإسلام السياسي كما يصنفه الإخوان، والإسلام هوالمخرج من كل قوة معوقة في الأرض والتي يصنعها الإنسان بإصراره على الإجرام وارتكاب الحرام وهذا هوالخطأ الذي ترتكبه امة محمد عليه الصلاة والسلام في وقتنا الحاضر ، اللهم ولي علينا الأخيار ولا تولي علينا الأشرار،، اللهم آميـــــــــــــن،،،
محمد أمين الكامل
الهابطون بالقيم يدمرون اليمن (3) 2896