تمر ذكراها الرابعة ومازالت قلوب أسر الشهداء والجرحى تحترق لألم الفقد، وألم الجراحات، وقهر الرجال، وظلم ذوي القربى، لازالت العدالة تائهة في دروب النسيان، لم تجد طريقها بعد للاقتصاص من القتلة، والثأر للشهداء والجرحى، لازالت الأحزان تترى كلما حلت ذكرى تلك المذبحة الأليمة، ومع كل هذا مازال القتلة ينعمون بالحياة بين أسرهم وكأنهم لم يرتكبوا ذلك الجرم الأكبر - قتل نفس بريئة حرم الله قتلها دون سبب..!!
مازلنا نكرر أخطاءنا عندما نُحَولُ ذكرى المجزرة إلى مناحة وطقوس عزاء تتلاشى بعد انتهاء الذكرى الأليمة والمفجعة!! إن من الكرامة أيها الثوار الأحرار أن لا يصيبكم اليأس والملل، والجبن والخور، فتنسون دماء رفاقكم في النضال، وتنسون أسرهم المسكونة بالفجيعة، والمتدثرة بالعوز، تنسون جرحاكم فلا تمدون يد العون لهم، تنسون أن عدوكم ليس مجهولا بل معلوما وكل أزلامه من القتلة، إننا في ذكرى مجزرة جمعة الكرامة لا نريد مزيدا من الدموع ولا مزيدا من الآهات، وكسر الأفئدة، بل نريد أن تتحول هذه الذكرى السنوية إلى موعد لتجديد ثورتكم التغييرية، إلى زمن توعية شاملة تتعمق فيها القلوب والأنفس بثقافة وقيم الثورة التغييرية المباركة، موعد للبناء لا الوقوف على الأطلال لسكب العبرات والالتحاف بكلمات العزاء والتدثر بعبارات الشفقة، أو الصراخ بتهديدات عنترية فارغة،إن من الكرامة أيها الأحرار أن تطال يد العدالة كل القتلة بما فيهم زعيمهم الأول الذي كان بجب أن يحاكم ويقدم لساحة الإعدام لارتكابه جرائم بشعة بحق الإنسانية..! لقد كانت الحصانة له وصمة عار استغلها ذلك الملطخة يده بدماء الشهداء ليحمي نفسه ولينطلق من جديد لمزيد من القتل ومزيد من صنع الفتن وتخريب البلاد.
إن مجزرة جمعة الكرامة لو أنها في أي دولة لن يُسدل عليها الستار بهذه السهولة، بل ستتحول إلى قضية رأي شعبي لن ينعم بعدها القتلة بالحياة يوما واحدا، لن تُمنح للجلادين حصانة تقيهم من العقاب، إن الوقت يمر بسرعة ولا يجب أن يتيقن الجاني أن العقاب لن يلحقه بل لابد من التصعيد الثوري والإعلامي للمطالبة بكل القتلة ومحاكمتهم لينالوا جزاءهم جراء تلك الجريمة النكراء.
رحم الله شهداءنا الأبرار، وشفى الله جرحانا الأحرار، والموت للقتلة ومن عاونهم.
ومضة.
رأوا هدأة الشعب فاستذأبوا
على ساحة البغي واستضغموا
و كلّ جبان شجاع الفؤاد
عليك إذا أنت مستسلمُ
و إذعاننا جرّأ المفسدين
علينا وأغراهم المأثمُ
أخي نحن شعب أفاقت مناه
و أفكاره في الكرى تحلم
و دولتنا كلّ ما عندها
يدٌ تجتني وحشى يهضم
تراها تصول على ضعفنا
و فوق مآتمنا تبسم
و تشعرنا بهدير الطبول
على أنّها لم تزل تحكمُ
و تظلم شعبا على علمه
و يغضبها أنّه يعلمُ
و هل تختفي عنه وهي التي
بأكباد أمّته تولم؟
وأشرف أشرافها سارقٌ
وأفضلهم قاتل مجرم
عبيدُ الهوى يحكمون البلاد
ويحكمهم كلّهم درهمُ..!!ُ
عبدالله البردوني
غالب السميعي
مجزرة جمعة الكرامة !! 1192