قرون والمجتمع اليمني لم يشهد أي انفتاح للعقل أو التفكير المنطقي للمتنورين من العلماء والمثقفين اليمنيين بكيفية التخلص من العبث والفوضى والقيام ببناء الدولة التي تحمي كل اليمنيين وأنه لابد أن تصل اليمن إلى ما وصلت إليه الدول من تقدم ورقي, لكن السبب يعود أن الوعي غير مكتمل وخاصة فيمن يتقدمون المشهد السياسي الذين جعلوا من اليمن مقرا للفساد وموقعاً للفاسدين, كونهم لا يمتلكون الصدق في العمل وفيما يقولون ولا تتوفر فيهم أمانة المسؤولية أو الإخلاص في التوجه بلد فيها قوانين ولكن لا تفعل بلد فيها إيرادات لكنها تهدر، من يحاسب من والكل يسرق بحسب ما يقدر ويفهم على من يهمهم هذا الشعب وعلى من يحبون اليمن وقف البؤس والحرمان لأكثر من 90% من اليمنيين ومواجهة الخارجين عن تطلعات أغلب اليمنيين مهما كانت قوة البطش والتنكيل لن تثني من يريد التغيير أو من يرفع صوته أو يفضح المجرمين هو من يكون أقرب المقربين لليمنيين وليس من الدين السكوت وأنه مكتوب على اليمنيين أن يظلوا غارقين في بحور الجهل والتضليل بعيداً عن مناهج القوانين والأخلاق وعدم تغيير المسار الذي يفرض علينا تحت واقع الرصاص والقتل والتفجير..
إلى متى تظل الدولة غائبة بكل مقوماتها في اليمن وبعيدة عن متناول أيادي وطموح المخلصين اليمنيين، بلدنا أصبحت بلد الشكليات والإشكالات، هياكل الدولة كلها شكلية وكلها فيها إشكالات لا يوجد وزارة أو مؤسسة أو إدارة من الإدارات إلا وفيها خروقات وتجاوزات ومخالفات، اليمن كبلد مفرغ من الولاء ومن المخلصين ولا يتولى أمرها سوى العابثين والفاسدين والشعب في اليمن يعيش على مصطلحات تأصلت واجبر اليمنيين على قبولها وهي الوباء والحزن والبلاء أي بلد هذا الذي يتحدث عنه قادة الأحزاب والجماعات المجتمعين في موفنبيك بأن لديهم رؤى في إصلاح اليمن وإسعاد اليمنيين ومنهم مستحيل أن تأتي المنجزات ولا تأتي منهم غير الحروب والأزمات والأحقاد ونشر الفتن والإشاعات، من اليمنيين مجموعة قليلة ينصبون أنفسهم أوصياء على اليمن واليمنيين ولو اليمن محصن من الداخل ما استطاع الخارج أن يتآمر، اليمن تستعمر من الداخل، اليمن يتم التآمر عليها من الداخل، اليمن تدمر وتمزق من الداخل، اليمنيون هم الشعب الوحيد الذي يقهر وهم الوحيدون من يحكمون بالباطل وهم من يقتلون بدون وجه حق وهم بالصبر أملاكهم تهدر وهم لم يستطيعوا من الفاسدين التحرر وهم من يسلبون وينهبون ويدمرون ولا يوجد لهم حل..
ثقافاتنا اليوم هي العبث والفوضى وأكل القات ولبس السلاح والجباية ومظاهر المشيخ أصبح عنوانا لمن يملك سيارة وفوقها مسلحو,ن كل هذه الوسائل فرضت علينا التأخير وأنانية الوصول إلى التغيير، العقل خارج التغطية عند المتنورين وعند العلماء والمثقفين وأصبح المصير في قبضة أيادي المجرمين والفاسدين لا يوجد إسهامات في هذا البلد للساسة والمسئولين ولا يوجد لهم رصيد يذكر عند المواطنين وفاقد الشيء لا يحقق شي ولكل قائد تطلعاته وحكاياته في اليمن ولا يعود نفعه إلا للحاشية والمقربين ويظل الشعب بعيداً عن أعين المكلفين وعن تولي المخلصين والسبب الرئيسي هو انعدام الوازع والضمير لدى القوى المسيطرة والمسيطرين على تقدم اليمن وعلى شؤون اليمنيين وهو ما يؤدي في النهاية أن المواطن يصطدم بنكران الجميل لمن وعدوا واستوعدوا بالتطوير واستبدال المخلصين بدلا عن الفاسدين..
ولأن الثقافة في اليمن ثقافة نظرية وليست عملية تجنبنا مفهوم الفود والنهب والتدمير وعلى ضوء ذلك لم تتجل الضوابط لوقف تدهور الآداب العامة في المجتمع والتي رسخها الساسة والمسئولين الذين استبدلوا ثقافة الفوضى بدلا من ثقافة التنوير ولأنه لم يوجد من يرتهن لهذا الشعب ويحقق مصالحه بواسطة من يدعون بأنهم يمثلون الشعب وهم في الاصل من ليس عندهم صوابية الوعي والتدبير في القول والفعل، الدولة لها أركان لم تتحقق بالشكل المطلوب في اليمن ونفتقد إلى قوة القانون والنظام بل في بلدنا الحاكم لديه وسائل يسعى إلى تثبيت مركز القرار التي تحميه وتحمي كرسيه وهم الأعوان وهم سند الاتكال في بقائه ومنهم يختل موازين قيام الدولة التي تجعل من الأمن القومي لأي بلد في خبر كان ومنها بلدنا التي تفتقد لمقومات الأمن القومي بمفهومه الواسع.
ثلاثة مكونات لم تحقق لليمن شيئا أو تنقل اليمن إلى بر الأمان، خمسون عاما على التحرر من حكم الإمام وجلاء الاستعمار والاشتراكي والمؤتمر والإصلاح يغردون خارج منظومة الأمن والأمان والاستقرار لليمنيين وكوادرهم القيادية في رخاء ونعيم وجاء الحوثي والحراك بمشاريع لم تزدنا سوى زيادة البلاء والتفكك والانهيار، الكل ليس في قلوبهم اليمن بل الهدف هو السيطرة فقط على الحكم وعملهم عمل الشيطان الذي سوف ينقلهم إلى النار، اليمن تنهار وعلى اليمنيين المخلصين والصامتين سرعة الإنقاذ على الأقل والبداية تكون للتجديد لقيادة تلك المكونات من الشباب وبهم تكون قيادة البلاد بعيدا عن المؤثرات الخارجية تحت أي مبررات وعلى الشباب ألا ينهجوا نهج من سبقوهم في التقاسم والاستحواذ والتي أثبتت فشلها في نمو وسلامة البلاد، وعلينا أن نواجه الشباب بان الهبوط في القيم من أسبابها عدم الحب والولاء لليمن ولا يمكن أن نبني بغيرها اليمن أو ينتصر فيها هذا الشعب من زمان ونحن في اليمن لدينا المقومات لقيام الدولة لكنه لا يوجد لدينا الرجال وعلينا الانتظار حتى يعيد لنا الشباب الاعتبار بما لحقنا من أضرار وعلى شباب الأحزاب أن يوقفوا تسيد العواجيز الكبار في أحزابهم وترك المجال للشباب الذي يجعل من الحزب وسيلة للوصول فقط والانتصار لليمن الأرض والإنسان..
بنجلادش دولة تعداد سكانها أكثر من مائة وعشرين مليوناً ليس لديها من الثروات الكثير سوى الزراعة, لكنها بالمخلصين محصور فيها الفقراء وليس فيها شحاتون أو مظاليم كما في اليمن ولا يوجد فيها حماية للمستثمرين أو مشائخ لديهم مرافقون أو مدراء أو قادة لديهم قصور أو من يأخذون سيارات الدولة إلى البيوت أو سيارات في الشوارع بدون أرقام أو تصاريح سلاح للوجاهات ولا يوجد فيها من يناصر ويشجع التهريب ويحمي المهربين ولا من يأوي القتلة أو المجرمين أو من يحميهم من الجهنميين ولا يوجد فيها أفراد من الأمن أو من القوات المسلحة يعملون خارج نطاق عملهم مغتربين ومغفرين ويصرف لهم نصف المرتب للجنود ولمن لا يعمل من المدرسين كما هو موجود عندنا ولا من يساند أو يشارك أو يساهم في أضعاف هيبة الدولة أو يتمرد عليها ولا يوجد فيها قضاة يحلون القضايا في منازلهم ولا فيها من يسرق الأحذية من مساجدها أو حق المدير أو حق التوقيع أو حق القات هذه الثقافات والسلوكيات كلها موجودة في اليمن وهناك من يقول بأن اليمن يمكن أن يتخلص من الشحاتين والحالة المعيشية للمهمشين لو تم حصر أموال منهم على درجة المدير فقط وتثمين ما معهم من قصور ولطش من هنا وهناك ولو تم حصر ما معا الوزراء والوكلاء والمحافظين والقادة العسكريين من أرصدة وأملاك لتم القضاء على مجموع الفقراء في اليمن ولو تم تنفيذ المشاريع بدون المقاسمة مع المقاولين ما تم الترميم للمشاريع المنفذة بعد أشهر أو سنة من التنفيذ بالأكثر ولا ضاعت مئات الملايين من ضرائب المصانع والشركات والمؤسسات إلى جيوب المكلفين والمحصلين ولا تؤخذ الرديات في المعسكرات لصالح القيادات..
هذه هي أوجاع اليمن واليمنيين لم تناقشها الأحزاب وكل همها تصحيح جداول الناخبين والتقسيم وكم نصيب كل حمر عين وكم وزير وكم وكيل وكم محافظ وكم مدير ومجندين من يسمع أنين كل اليمنيين ويرفع عنهم هذا الظلم وما هم فيه من جحيم اللهم وأعز اليمنيين وارفع ضرهم اللهم آمين.
محمد أمين الكامل
الهابطون بالقيم يدمرون اليمن (2) 2839