عندما كنا أطفالاً نحيا أجمل مراحل أعمارنا في ملاعب الطفولة, كان يظهر بين آونة وأخرى فريق مشاكس, يفسد جميع الألعاب, ويستأسد على الضعفاء, ويصر على فرض سياسة الأمر الواقع؛ نكلمه فلا يسمع, نحاوره فلا يلين, يتنمر أكثر وأكثر ويأبى الانصياع لأي تفاهمات, ويعتمد على أسلوب القوة في الإمساك بصولجان عروش الملاعب..
عندها- وبغريزة فطرية بحتة- ينحاز مجاميع من الأطفال الراغبين في لعب نظيف بعيدا عن هذا الفريق "اليأجوجي", وباتفاق بدهي صامت يتخذون لهم ساحات لعب بعيدة عن هذه الشرذمة الفوضوية؛ فتحاول الفرقة اليأجوجية تخريب ألعابهم والسطو على ملاعبهم فيزدادون تماسكاً وتشبثا بوحدتهم ويقتلون "اليأجوجيين" تجاهلا؛ حتى يضطرونهم إما لمغادرة أماكنهم, واتخاذ ملعب بعيدا عنهم, أو العودة لمشاركتهم بشروط, وبتعهدات بترك الفوضى والشغب!
كل واحد يتذكر ذلك في طفولته, وربما لا يزال على علاقات بأفراد من فرق اللعب اليأجوجية! وإن كان المثل القديم يقول: خذوا الحكمة من أفواه المجانين؛ فثمة نظرية جديدة تقول: خذوا الحلول العبقرية من مسلك الأطفال!
قرأت مؤخرا كتابا يتحدث عن الحلول الإبداعية للمشاكل الأكثر تعقيدا, وكان من بين الأفكار المطروحة "أعرض المشكلة على طفلك"! الكبراء في أعالي اليمن يعبثون بمصائر إنسان اليمن كعبث الأطفال! ويبعثون روح العصبية الجاهلية في وطننا الحبيب, يبدون وكأنهم مستعدون للتحالف حتى مع أبالسة الجحيم في سبيل التشبث بحق مزعوم في تفردهم بالحكم والسلطة, وأهلية مدعاة أزلية بوجوب تفردهم واستبدادهم بالقيادة, متوارثة عبر القرون! يتنمرون بفجاجة أطفال شكسين للبقاء على سدة الحكم في اليمن! يقلبون جميع الطاولات أمام خصومهم ومناوئيهم, ويقلّبون لنا الأمور, ويتبجحون بشعارات لا تمت للواقع بصلة ليثبتوا بأنهم يفعلون كل هذا من أجل أمن واستقرار اليمن ومن أجل خير ورفاهية مواطنيه كافة!
يقومون بأسر رئيس الجمهورية المنتخب, ويحذفون نضال الشعب في ثورته الشبابية, ويدوسون على مخرجات حوار الفصائل الطويل, ويهجّرون من يقف في طريقهم, ويحكمون القبضة على كل مفاصل الدولة, ويستولون على مقدراتها وقواتها, ويفرضون سياسة الأمر الواقع, ويكرسون لمنطق القوة والبقاء للأقوى وسيرة المنتصر الذي يفرض إملاءاته! ويريدوننا أن نرفع لهم القبعات, ونحني لهم الجبهات, ونهتف بالترحيب لهم, وهم يسعون لإلغاء كل شيء لا يشبههم على أرض اليمن!
وابن عمر " الشخصية المريبة " يخرج على الملأ معلنا نصرا هزليا أسماه" اختراقا " لحلحلة الأزمة, وهو ليس سوى اختراق لضمير المجلس الأممي, ولميثاق الشرف الذي كان يجدر به التزامه كمبعوث توافق! من يريد اتفاقات هزيلة كهذه؟! وعن أيّ مجلس شعب يتحدثون, وماذا يمثل اقتراح كهذا من دور في عوامل تفكيك عقد الأزمة في اليمن؟! الذي يحدث ما هو إلا تهريج بكل معنى الكلمة., وعلى القوى السياسية التي لا زالت تقدر ذاتها, وتحترم هذا الشعب الانسحاب من هذه المداولات التي تشرعن للانقلاب الحوثي وتكرس لهيمنة أكبر له!
عليهم أن يقفوا موقفا شجاعا يساوي ثقة قواعدهم بهم , ويعمدون للتجافي عن ابن عمر وترهاته, وعن جماعة الحوثي التي لا تحترم أحدا, ولا تلقي بالا لمطالب الشعب, وتصم أذانها عن سماع هتافاته برفض انقلابهم على ثورة 11فبراير, وعلى مخرجات الحوار وعلى الدستور وسلطة الشعب اليمني المتحرر من ربقة الزمن الماضي!
سمعت قبل فترة مقترحا على لسان "بان غي مون" مفاده عزل القوم في أعالي اليمن, الذين يبرعون في صب كل ألوان العذاب على بقية مواطني اليمن! يبدو أن حل "ذو القرنين" هو الأفضل, وهو الحل الطفولي الفطري القديم, وهو الأصلح مع من يتكبر عن الانصياع للحق, ويصم أذان قلبه وضميره وعقله, ويعمد لسياسة فرض الأمر الواقع لمجرد أنه واقع, ولو كان الظلم بعينه! وكل العقلاء يأملون أن تمتلك هذه الفصائل السياسية الجرأة الكافية لتفعيله مع جماعة الحوثي ومن يناصره من كبراء " فوق " ! في إحدى محاضراته القيمة..
قال الدكتور" حمود العودي ": علينا أن نفرض الحق! الحوثي وجماعته يستميتون لفرض الواقع, وهو يقطر بسم زعاف؛ فعلى البقية العاقلة ألا تنتظر غطاء دوليا وأن تعتمد _ بعد ثقتها بالله تعالى _ على روح الشعب وتتكاتف جميعها لتفرض الحق! اتركوهم يعبثون في إقليمهم المنكوب بعقلياتهم المتحجرة, ونفوسهم المتعاظمة والمستعلية؛ وليقم البقية دولتنا المدنية على بقية أراضي اليمن السفلى والوسطى؛ بعدها إما أن يعودوا لنتشارك الحياة على أرض يمننا, التي لا تفرق بين أواسط و أسافل مواطنيها وبين أعاليهم؛ أو فليعزلوا هناك على تلك القمم الباردة حتى قيام الساعة !
نبيلة الوليدي
مقترح ذي القرنين لحل الأزمة..!! 1481