في عام 1948 هاجم القبائل صنعاء قاموا بتدميرها ونهبها وتحويلها إلى ركام, لقد كانوا يريدون أن يغتالوا الدستور لأن الإمام "احمد يا حناه" قال لهم إن هذا الدستور هو اختصار للقرآن.. يصف شاعر اليمن الكبير عبدالعزيز المقالح تلك الفترة " ومن أعمق ما سجلته عدسة العين والذاكرة في هذه المدينة خلال هذه المرحلة جولة حزينة فوق تلال أكوام التراب المتخلفة على الأسواق المهدمة, دمرها البرابرة, حين هجموا على صنعاء لاغتيال الدستور لقد رأيت بعيني الصغيرتين التتار وهم يهاجمون بغداد قبل أن أقرأ عنهم في الكتب ".
استباحة صنعاء من قبل الرجال القادمين من أدغال وكهوف جبال الشمال كان بمثابة اغتيال لحلم البسطاء بإقامة دولة عادلة تكون فيها المرجعية للدستور ليس للسيد الذي يزعم أنه صاحب حق إلهي بالحلم..
اليوم التاريخ يعيد نفسه والمشهد يتكرر وإن كان بطرق ووسائل حديثة تتناسب مع تطورات العصر, قبائل الشمال تجتاح صنعاء تريد أن تدنس طهرها وتلوث نقاءها قبل ذلك تريد اغتيال حلم اليمنيين في بناء دولة مدينة حديثة ليس فيها سادة ولا عبيد ولا مشائخ ورعية..
لقد جاءوا من أجل استعادة ما يزعمون أنه حقهم المسلوب الذي ورثوه عن أجدادهم, بعد أن رسم اليمنيون طريقهم واختاروا مستقبلهم عن طريق الحوار وتوافقوا على وثيقة تاريخية فيها طريق واضح ليناء دولة, كما جاءوا لقتل الدستور في 48, جاءوا اليوم لقتل وثيقة الحوار الوطني لأنهم يشعرون أنها سوف تقضي على هيمنتهم ستسلبهم مصالحهم ونفوذهم’ الفكرة هي الفكرة والهدف هو الهدف وإن اختلف الأسلوء..
يزعمون أنهم ثوار من أجل الحرية ويمجدون سيدهم في نفس الوقت ولا يعلمون أن التمجيد هو بوابة الاستبداد وعمود الديكتاتورية والفصل الأول من فصول العبودية أو كما يقول الكوكباني "التمجيد أن يأخذ المرء جذوة نار جهنم كبرياء المستبد ليحرق بها شرف الإنسانية "...
إن من يعتقد أن له سيد فقد رضي لنفسه أن يعيش عبدا, والعبودية كما يقول المنفلوطي "لا يمكن أن تكون مصدرا للفضيلة ولا مدرسة لتربية النفوس على الأخلاق والصفات الكريمة "هذا ما تثبته أعمال عبيد السيد في حربهم لاسقاط عاصمة اليمن..
تيسير السامعى
التتار القادمون من الشمال.. 1265