كمَّ هائل وحشد غفير اكتظت به شوارع الحالمة تعز وبقية المحافظات احتفالاً وابتهاجاً وإحياء للذكرى الرابعة لثورة فبراير التي أسقطت نظاما أزليا كبَّد اليمن مآسي وأزمات لا تحمد عقباها ولا تسترد ديونها.
إنه حدث جليل وتاريخ عظيم استطاع- من خلاله رواد العملية الثورية وإرادتهم القوية وعزيمتهم الصارمة وصناع مجد التغيير- استطاعوا أن ينقذوا اليمن من حافة الانهيار بمواصلة مشوارهم الثوري من خلال مشاركتهم في صنع التغيير وبناء وطن جديد.
إن الـ11 من فبراير مولد جديد.. أضاءت به الحياة. لترى بزوغ النور المتسللة نحو أفق الديمقراطية والدولة المدنية..
فهو يوم أشعل فيه الشعب إيقاد الثورة، وضرب بعصا الشر طبلة الخوف والانكسار والاجهاض.. مما رأي فيه الوطن والمواطن وهج الشموس.. وهي تشع بنور الحياة من جديد.
فمهما اشتدت وتيرة العنف، وارتفعت حدة الأزمة، وتقزمت الأوضاع المتدهورة التي عاشتها البلاد ولا تزال.. فنضال الأحرار لا يزال ينسج بخيوطه .. لينال الحلم المنشود الذي سعى إليه.
فيعتبر الـ11 من فبراير تاريخا عظيما وميلاد يمن.. استبشر به اليمانيون واستشرق به فجر الضحى اليمن وأضاء به نور الحق واطفأت به هواجس الظلام وتفرعن وتسلط الطغاة.. ففي عمر ذلك التاريخ أصبحنا في ظل مرحلة جديدة وتحول مسار صحيح نحو آفاق وتطلعات المستقبل المنشود الذي كان الهدف الاساسي لانطلاق شرارة الثورة الشبابية السلمية.
وإن كان البعض يعتبر أن ذلك لم يصب في تحقيق أي هدف.. لما آلت إليه الأوضاع الجارية.. فإنه لا يخلق ذلك سوى إصرار وتحدي. ويكسر حاجز الخوف والسكوت المخزي .
عندما توحي إليك الحياة بمنتهى الوجود، في ظل الظروف التي تعيشها. مع تفاقم الوضع السيء الذي قادتنا إليه مليشيات الحوثي المتغطرسة.. فإن وحي الثورة.. لا يزال يتصلب بخلق شرارة التغيير .. والاستمرار في تقرير المصير الذين اتخذه الأحرار في مشوارهم الثوري.
إن 11 من فبراير يوم من الدهر لم تصنع أشعته شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا، مما أعطى لنا ملمحاً آخر في المضي نحو استشراق شمس الأمل والتحول باتجاه قافلة الحرية في التقدم نحو الأمام.
فهي محطة انطلاق نحو مرحلة جديدة تجسد واقع اليمن الجديد الذي يحفظ للمواطن الحق في الحرية الكاملة والحقوق المشروعة والمساواة والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية.. وإن كانت عالقة تحت مظلة الخوف. والصراع والتشرذم الذي صنعه البعض ليفتح ثغرات جديدة.. ويجعل الساحة موجة للصراع والمناكفات السياسية ما بعد تشرذم الحوثي وانقلابه الشفاف. فإنه سيظل خالداً في جدار التاريخ. منقوشاً في قلوب اليمنيين.
لقد اخترنا ربيعنا الثوري في مواصلة نضالنا السلمي نحو مسيرتنا التغيرية وقبولنا بمؤتمر الحوار وتفاءلنا بنجاحه ونحن بانتظار المزيد من النجاحات على الواقع الملوس.
فسوف تظل ثورة فبراير ذكرى خالدة في ذاكرة اليمن، وعجلة التغيير لا تزال جارية في البحث وهي في طريقها لتحقيق كافة أهداف الثورة والمضي بخطى هادفة وبناءة تجسد واقع اليمن الجديد وعهد مرحلة جديدة من مراحل تكوين بناء الدولة ولا يتم ذلك إلا بكسر حاجز الصعوبات والتحديات التي تقف عائق أمام الشعب.. والأهم استئصال الورم الخبيث الذي قمص البلاد مؤخراً. وأدرجه في عنق الزجاجة.
11 فبراير.. نضال توضأ من نزفنا.. أضعناه إن لم نُتم الصلاة !!
راكان عبدالباسط الجبيحي
11 فبراير.. حُلم وطن ! 1143