العمل السياسي وصل إلى درجة الصفر والحوار لن يكون له جدوى مع جماعة الحوثي ربما لشيء واحد أن هذا الطرف يملك القوة ويحاول أن يشترط بناء على نتائج وإفرازات هذه القوة ويريد أن تتكون له شخصيته البعيدة عن المشاركة والقبول بجميع الأطراف وفق العمل الوطني وهو يعمل جاهدا على شرعنة حربه دون أن يعرف نتائج ذلك ليس فقط لمجرد أنه أصبح معزولا ومع الوقت تتفكك ظروف وجوده بل لأنه لا يعرف لماذا وجد وكيف وجد وماهي دواعي هذه الوجود.
ونتيجة لتلك التراكمات يجب أن نعود إلى تعز على اعتبار أنها من تملك البعد الوطني في مواجهة ظروف التمزق الطائفي والمناطقي الذي كانت تواجهه وتحاول الخروج منه وهي وجدت نفسها في الكثير من الظروف معزولة ومقهورة وكانت تدفع الثمن لمجرد التفوق السياسي البعيد وليس ذلك العمل القصير في البحث عن المصالح التي تراكمت ووجدت لها بيئتها الخاصة التي تقع في نطاق كهنوتية القبيلة السياسية ثم ها نحن نعيش على عصبية القبيلة المذهبية التي تأتي وفق الشروط والأجندة الخارجية وليس هناك اختلاف بين الاتجاهين فهما من إنتاجية القوى المتعصبة والمتخلفة.
طبعا يجب أن نعترف أن القوى التقليدية هي من تنتج الانقلاب بشكل يفوق التوقعات بل ويهدم كل شيء كان قبله وهذه الأطراف هي من كانت وراء هذه العزلة السياسية التي وصلت إليها الأوضاع من فراغ دستوري لأنها تقفز لمجرد أنها يجب أن تنتصر دون أن تعرف الثمن والمبدأ من ذلك الانتصار الاستغلالي الذي يعرض الكل لهذا الدمار والتفكك بلا أي شيء سوى أنها كانت قادرة على إجهاض مشروع الدولة وإعطاء لنفسها مشروعية الوجود ثم تصبغ هذا الوجود بشكل حربي واستبدادي ثم تحاول الضغط على كافة القوى للقبول به لتكون مستمرة في التوسع بناء على قدرتها في التهديد وصياغة وترتيب كافة المعاني السياسية للخروج باتفاقيات قد تنقلب عليها مع مرور الشهور بل ويجعلها في موقف شرعي في فرض بعض الاتجاهات التي تناسبها وتتفق مع مصالحها الضيقة .
لذلك أصبحت تعز المدنية تتعرض مرة أخرى للتهميش المتعمد نتيجة وجودها البعيد في التأثير السياسي الذي حاول القوى المنقلبة دائما على الشرعية الوطنية وفق مصالحها أن تختزنه وتلعب على أساسه لأنها تدرك مدى التأثير السياسي والاجتماعي الذي تمارسه تعز في أي وقت وهي بكل الأحوال تعمل دون كلل على فضح الادعاءت والممارسات المتنوعة التي تغرقنا في الكلام دون أن تملك حالة من الإقناع والتأثير في خلق بيئة سياسية وبرامج تعزز من المشاركة الجماعية في إصدار القرار وخلق توجه عام إلى التنمية والتغلب على حالة الانقلاب المتمركز في مراكز القرار وهذا في ذاته يسهل من شكل الانقلاب بسرعة تفوق التوقعات خاصة ومعظم تلك المراكز تعمل وفق المركز المقدس..
وهناك بعض المحاولات من بعض القوى للتأثير على هذا الوجود بناء على تهميش تاريخ تعز وبعدها وقدراتها في التأثير على مجمل الانعطافات والاتفاقات والتكريسات القاهرة للمعنى الوطني لذلك يجب على تعز أن تنهض حتى لا تجد نفسها تتعرض لنفس الإشكالية التي جعلتها في مؤخرة التأثيرات الجارية في الماضي والحاضر ويجب أن تكون مطالب تعز هي أن تكون الحرية فوق كل شيء والمدنية هي الأسلوب المؤسسي الراقي في منع مثل تلك الأنشطة التي تخرج عن إطار المصلحة العامة.
وهذا لن يتحقق مالم يكن لدى مدينة تعز قوتها الثقافة في فضح العمل السياسي الجاري والذي يتم إنتاجه لمجرد قهر الكل والرضاء بما أتت به نتائج الفراغات السياسية والمحاصصات التي ربت لهذا الفساد ولهذه الاتجاهات التي اتخذت أسلوباً بلا أي شرعية بعد أن اتخذت بعض الأطراف مصيرا مجهولا بل ورفضت كل الحلول وشوهت الشخصيات السياسية وهاجمت المصالح الحكومية وعرضت الوجود المجتمعي لأكبر خطر مستقبلي بعد أن تحولت الدولة لتكون مجرد أداة هشة تتحرك من داخلها بعض القوى بشكل عصبوي أو تقليدي للحافظ على مصالحها أو العودة من جديد للحكم بعد أن رتبت كل أدوات الفوضى وحركت تلك التأثيرات للتغطية على ذلك التدخل.
وأقامت تلك القوى التحالفات ثم حددت نقطة الصفر في هذا الانقلاب على أي مشروع حواري مستقبلي واتجهت إلى فرض معاني القوة والفوضى وهي رغم ذلك تمنع أي مشاركة سياسية لكي يخرج اليمن من هذه الكارثة السياسية لمجرد أنها تجد أن وجودها يجب أن يستمر على الكثير من الأشلاء أو فرض الأجندة الخارجية وجعل اليمن تحت أي نفوذ لمجرد أنها هي من تعتاش على هذا الدعم الغير محدود من قوى نفوذية حولت اليمن إلى دولة هشة وضعيفة وتمتلكها بعض العصابات المتمردة التي جعلت من الدولة مجرد نطاق شكلي لا يمكن لأحد أن يستمر على هذه الحالة لمدة طويلة في قبوله أو الاقتناع به.
عبدالرب الفتاحي
على تعز رفض الواقع السياسي الجديد 1388