يمكن القول إن قضية أسعار العملات قد تعود إلى الواجهة بقوة ومعها حرب عملات يرجح أن تستعر في 2015 خاصة في ظل انهيار الروبل الروسي والسياسات الصارمة للبنكين المركزيين السويسري والياباني.
ويرى خبراء الاقتصاد أنه لا يمكن لأي بلد أن يسمح لنفسه بخوض حرب مفتوحة حول العملة لذلك ستكون حرباً بأسلحة غير تقليدية.
وحرب العملات هي سباق بين الدول التي تخفض بلا توقف معدلات الفائدة وهي ظاهرة أعمق في الصدمات العنيفة والمتقطعة المرتبطة بانخفاض أسعار النفط الذي أدى إلى انهيار الروبل والهدف من حرب العملات هو كسب حصص في أسواق التصدير أما النتائج فهي حالات ارتفاع حاد في التضخم وزعزعة كبيرة في الاقتصاد.
لا يمكن أن يكون لدى الجميع عمله ضعيفة في وقت واحد. فإذا انخفض سعر عملة يرتفع سعر أخرى ومفهوم حرب العملات ولد في هذه الحقيقة الحسابية. أي أن السباق إلى خفض قيمة عملة لا يمكن أن ينتهي إلا بشكل سيء.
وتصاعد التوتر في أسواق الصرف مؤخراً خصوصاً في الدول الناشطة التي تعاني من آثار تراجع أسعار النفط وتقلبات في أسعار الروبل. أما العملة الأوروبية فقد خسرت منذ بداية العام 2014م أكثر من 10% من قيمتها مقابل الدولار بعد إعلانات البنك المركزي الأوروبي تخالف سياسة التشدد النقدي الأمريكية. وفي المقابل تبذل سويسرا جهوداً شاقة في مواجهة ارتفاع سعر عملتها واضطر بنكها المركزي لاتخاذ قرار غير عادي وهو إدخال معدلات فائدة سلبية على ودائع البنوك. أي أنها تفرض ضريبة لوقف تدفق رؤوس الأموال بينما يلجأ المستثمرون إلى الفرنك السويسري بسبب ضعف العملات الأخرى.
ويرى العديد من المحللين أن تطور أسعار الصرف سيكون مرتبطاً خصوصاً بمدى استعداد الأميركيين لرفع سعر عملتهم التي سجلت زيادة نسبتها 14% مقابل الين منذ بداية عام 2014م والأمر الأساسي الآخر هو سعر النفط. فإذا بقي منخفضاً فإن ذلك سيحمي إلى حد ما الموارد التجارية ويجعل الدول أقل ضعفاً في مواجهة تقلبات أسعار الصرف إلا تلك التي تعتمد كثيرا على الذهب الأسود.
الرئيس بوتين يعتبر أن المواجهة مع الغرب كانت حتمية ولديه اعتقاد راسخ ان الروس يجارونه من أجل انتصار روسيا بل مستعدون للتضحية من أجل انتصار روسيا في مواجهة جديدة مع دول الغرب.
واتهم دول الغرب أنها راسخة في عقلية استعمارية واصفا هذه الدول بأنها تتصرف كالإمبراطورية التي تملي رغباتها على اتباعها، خلال التسعينات كانت الأسعار تتهاوى لتصل إلى 17 دولارا للبرميل كانت محطة البترول على وشك الإفلاس حيث كان على الشركات الروسية- التي تعودت على تلقي الدعم السخي من الحكومة الغنية بالأموال, الاقتراض من البنك المركزي وهذا الأمر تسبب في خلق سيولة كبيرة للغاية إلى درجة ارتفع التضخم إلى مستويات غير مسبوقة ولا سيما بعد وقف العمل بمراقبة الأسعار لتصل نسبتها إلى 800% وحتى عندما استطاعت الحكومة خفض تلك النسبة إلى 10 أو 20% تسبب ذلك في الركود. لكن حدث أن عاودت أسعار النفط صعودها فيما يشبه المعجزة لتنامي الطلب الصيني بعد أكثر من عقدين من الانخفاض ومع أن الحكومة هذه المرة جمعت ما يكفي من المال لمنع الإفلاس إلا أن المشكلة تكمن في شركاتها المثقلة بالقروض حيث لجأت تلك الشركات قبل سنوات عندما ارتفعت قيمة الروبل إلى الاقتراض من الأسواق العالمية.. من المتوقع بسبب شح السيولة الحالي وصعوبة الاقتراض أن يتحول الركود إلى كساد مع تراجع مرتقب للناتج المحلي الإجمالي بواقع 4.7% إذا ما استقرت أسعار النفط عند 60 دولاراً للبرميل.
هامش:
الاتحاد الاقتصادي 22/12/2014
الاتحاد العدد (14413) 23/12/2014
د.علي الفقيه
هل عادت حرب العملات من جديد؟ 1417