كَثُر الحديث مؤخراً عن ضرورة إصلاح القضاء كأحد أهم الأركان الأساسية لبناء الدولة المدنية الحديثة.
إلا أن اللافت للانتباه هو ذلك الإغفال الذي يقع في الربط بين الواقع الذي يعيشه قُضاة اليوم، وبين انتظارات المواطن العادي والصورة التي يحملها عن القاضي، وحتى الصورة التي من المفترض أن يحرص هذا الأخير على الظهور بها في المجتمع.
فنظراً لجسامة المهام الموكلة إلى القُضاة وخطورة الاختصاصات التي يمارسونها وأثرها الكبير والمباشر على الفرد والمجتمع والدولة، فقد ترسَّخت في العديد من الضمائر كثير من المبادئ والقيم والأعراف والتقاليد التي يجب أن تحكم سلوك القضاة، والصفات التي يتعيَّن عليهم التحلي بها، ليحصلوا على ثقة الناس واحترامهم ، فبالإضافة إلى مقومات الكفاءة والعلم والنزاهةُ والاستقامةُ والعنايةُ والتجرُّدُ، والعدلُ والإنصاف والورعُ والشجاعةُ.....، فالقاضي مُلزَم بالتقيُّد بمجموعة من الشكليات التي تعتبر ضرورية في عمله ولو من الناحية النظرية ، فالقاضي يجب أن ينأى بنفسه عن كل ما من شأنه أن يمس بصورته المثالية التي تجعله في مكانة مميزة وخاصة في المجتمع، لذا يجب أن يكون حريصاً على الحفاظ على الهندام الأنيق والمتميُّز، وبالمقابل فإن القاضي بحاجة الى توفير الجو الملائم والمناسب لممارسة عمله.
ومن هنا فإن السلطة القضائية تعتبر من المؤسسات الهامه في هذا الوطن الغالي وتُعدُّ الاساءة إليه بأي شكل من الأشكال جريمة يُعاقِب عليه القانون.
وهنا سوف نخص بالذكر الساحة القضائية في محافظة تعز حيث شهدت نوعاً من الرُّقي والإنصاف أفضل من غيرها من المحافظات حيث لم يتوقف التحقيق ونظر القضايا في تلك المحافظة رغم ما شهدته البلاد من أحداث منذ عام ٢٠١١م فقد تم التنسيق بين كلٍ من رئيس نيابة تعز السابق القاضي بدر العارضة و رئيس محكمة استئناف تعز القاضي أحمد الجهلاني للعمل المشترك وإنجاز القضايا أولاً بأول ولم يتوقف أي تحقيق أو جلسات لأي من السجناء أو غيرهم وقد اضطر إلى عقد جلسات في مدرسة السجن المركزي ، وتم التصرف ونظر قضايا الاعتصامات في تلك الفترة دون التحيُّز الى أي جهة كانت ، كل هذا كان دليلَ حرص منهما على أن يبقى القضاء هو المرجع الأساسي والاهم لكافة الخصوم ، وحرصاً منهم على بقاء السلطة القضائية في المحافظة مرجعاً للجميع.
لكن ما يجري في هذه الأيام من منشورات تسئ الى الهيئة القضائية في المحافظة بكلام وافتراءات كاذبة تدل على سوء النية لمن يقوم بها باستخدام الفاظ مخلة بالآداب , مستخدمين أسماء مستعارة ومنظمات وهمية , القصد منها الإساءة لتلك المؤسسة القضائية والاساءة لبعض رموز القضاء بالمحافظة.
ومن هنا لا يسعنى في هذا المقال الذي اعتبره تقصيراً في رد الاعتبار للهجوم الدنيء الذي يشنُّه بعض مرضى النفوس على بعض من رموز القضاء وكذا على إحدى الموظفات الإداريات التي عرفناها مثالاً للقيم والأخلاق الحميدة ومثالاً للموظف الجيد، إلا أن أوجه التحية لكل من استنكر مثل تلك الأعمال المسيئة لعادتنا وتقاليدنا الاسلامية ، والوقوف صفاً للنيل ممَّن يحاولون الاساءة لتلك المؤسسة القضائية وكافة العاملين فيها.
سؤال ينتابني ، لماذا دائماً يحارب الشخص الجيد في هذا الوطن ؟ سواء كان قاضياً أو موظفاً!!
رائد محمد سيف
الإساءة إلى القضاء خط أحمر !!!! 1315