يوم سقطت صنعاء في غفلة من القيادات الوطنية, ونعسة من المعارضة, وإغفاءة من الشعب الخارج عن الخدمة الوطنية, كان تلقي عامة الناس للحدث باهتاً وبارداً, وبدت مواقف الجميع متميعة وتائهة, وخرس العالم الخارجي المراقب للمشهد لفترة ليست بالقصيرة قياساً بحدث جلل كهذا!.
وسارت الناس في الطرقات تتفكّه على مفردات السقوط المروع, وجلسوا على الأرصفة بعد ساعات يتندرون حول تسريبات لتفاصيل ربما تكون صادقة أو كاذبة حول الحبكة الدرامية لهزلية سقوط العاصمة في يد الميليشيات الخارجة عن سلطة الدولة!.
وتناقلت قنوات الأخبار العالمية مفردات الحدث, وبثتها للجمهور من منظور أحادي في أغلب التقارير الصادرة من تلك القنوات المتابعة من جمهور الشعب اليمني , وخرج بعدها بيوم الرئيس " عبد ربه " مرتديا " كرافت " بلون أحمر؛ ليهتف بالناس مستحثاً همماً بعينها يراد بها أمر دبر بليل قائلا: ليس هذا وقت النكوص والتخاذل , هبوا لإنقاذ وطنكم ..
ترى ماذا كان يقصد بندائه هذا, وماذا قصد بارتدائه لذلك " الكرافت " الأحمر؟!.
لم يأبه يومها أحد لكلماته تلك , وتلاشت فجأة كافة القوى المجابهة , وسارت أرتال الميليشيات تكتسح كافة مظاهر المدنية المتصدعة في عاصمة البلاد , وكتم الحدث الأنفاس المرهقة من التناحب في ردهات مؤتمر الحوار , وانقلب البعض على كافة الاتفاقات المبرمة في " الموفنبيك " من أجل يمن جديد وعيش كريم لشعب اليمن .. وغلبوا منطق القوة والأمر الواقع !
هزليات تحدث في الآونة الأخيرة في بلادنا تبكي الإنسان من شدة الضحك ..
واليوم جاء الخبر الأكثر هزلية والمشهد الأشد إضحاكاً:
أبشروا يا شعب اليمن لقد سرقت مسودة الدستور , وخطف مدير مكتب رئاسة الجمهورية والأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني , بعدما سرقت الدولة وسرقت الثورة وسرقت المدنية والحرية والكرامة والهوية ..!
ترى هل سيبكي الناس هذا الضائع الحديث بعد كلما ضاع منهم , وهذه المسودة التي يراد التوافق عليها دون أن تعرض على الشعب ؛ بماذا تعني هذا الشعب ؟!
وهل بعدما تعرض على هذا الشعب المغيب عن هويته وحاضره ومستقبله وحتى خبزه ودفئه؛ سيكون ثمة صدق وحياد في فرز نتائج الاستفتاء؟!
وهل خطفوا المسودة حقاً؛ هل هي الحجر الأسود أو تاج العرش البريطاني أو تمثال الحرية ..؟!.
أم خطفوا بن مبارك , أم خطفوا النزعة الأخيرة من هيبة الدولة , أم ماذا ؟؟!
في دولة هشة لا سيادة لها ولا نفوذ ولا قيمة فيها ولا أمان حتى لحاشية رئيس الجمهورية , ماذا ستكون قيمة المسودة التي ضج لخطفها الناس بمقابل كل ما خطفوه من قبل ؟!
عار على حكومة هذا حال دولتها الخروج على الناس بوجه ملطخ بالخزي , وعار على رئيس جمهورية تخطف سيادة الدولة وهيبتها في عهده , ويخطف بعض حاشيته الظهور على الملأ لتبرير أو حتى اعتراض ..
أخيراً:
كل علامات التعجب نرفعها للقصر الجمهوري, وساكنيه وللجنة الحوار, ولجنة وضع الدستور, وللشعب اليمني المغيب, على مصابهم في الفقيدة الغالية " المسودة " المخطوفة والقادم حتماً أفجع ولا عزاء..
نبيلة الوليدي
خطفوا المسودة ولا عزاء لدولة بلا سيادة 1144