"مَا كُل ما يتمنَّى المرءُ يدرِكهُ** تَجري الرياح بما لا تشتهي السُّفنُ" بيت شعري جميل يحمل في طياته الكثير من المغازي؛ ولكنه هنا يفجِّر براكين الكبت والحرمان ويحكي معاناة لطالما لامست قلوب الكثيرات ممَّن حُرِمن من مواصلة تعليمهن ومَنعَهن الآباء عند سن معيِّن عن مواصلة سير دراستهن بِحُكم أن الفتاة لا يكفيها من التعليم إلا ما تيسَّر لها.. آمالٌ تُدفَن ومواهب تجرفها السيول العاتية.. وأمنيات تتبعثر وتذهب أدراج الرياحِ.. لا لشيء قهري أو ظرف إجباري.. وإنما بمسمَّى أن البنت أو الفتاة ليس لها إلا "زوجها أو بيتها" مفهوم لا ندري من أين جاء.. وكيف تمكَّن هذا المصطلح الغبي من السيطرةِ على عقول الكثير من أولياء الأمور الذين فقهوا وتفقَّهوا بمفهوم خاطئ ..بل يُعدُّ من أبرز العوامل التي تقودنا الى بؤرة الجهل والتخلف, والاَّ فما الضير في أن تُكمل الفتاة تعليمها ؟! وكيف فهموا هذا الدين!! ألم يَقُل الرسول صلى الله عليه وسلم:" خذوا نصف دينكم من الحميراء" إذاً فالإسلام بريء تماماً من هذه الأفكار المتخلِّفة.. إن مواصلة الفتاة لتعليمها سيعد من العوامل العظيمة والمساعدة التي تؤهِّل البلد للرُّقي سواءً كانت الفتاة شابة, أو متزوجة.. أمأ كانت أو أختاً أو ابنة . إذا كانت المرأة في الجاهلية تُدفن وهي حيَّة بحجَّة أنها عار فإنها الآن في القرن الواحد والعشرين تدفن أيضاً حيَّة على أيدي بعض أولياء الأمور بمنعها من مواصلة تعليمها.. وإذا كنا ننشد جيلاً متعلماً وواعياً مثقفاً فلابد أن نوجد أماً متعلمة ومثقفه لأن الأم مدرسة وهي اللبنة الأولى في بناء المجتمع. العلم نور يضيء دروب العتمة.. ويفتح نوافذ الأمل لتسمح بدخول شعاع الحضارة الى وطننا الجميل الزاخر بالمواهب والقدرات والإمكانيات النادر الحصول عليها.. والفتاة بكافة أماكنها تحتاج لأن تكون بصيرة بأمور حياتها تمضي وفق نهجٍ قويم يأخذ بيدها إلى سبيل السلام وبر الأمان في كل ما يعتريها من عثرات الزمن وأمواج الحياة العاتية.. من منَّا لا يحب أن تكون أمَّه متعلمة, أو أخته, أو ابنته؟ فلماذا نقتل هذا الشعور الجميل بعادات وتقاليد لا أظنها كافية أو تفي بما تدعيه؟!.. مواهب كانت كفيلة بأن تُسهم في بناء الوطن وإعادة إعماره.. وقُدرات هائلة تُدفَن حية بعد أن كان أمل البلاد في الازدهار والتقدُّم قائماً عليها؛ ولكن شعبنا يأبى إلا أن يظل متكئاً تحت شجرة الجهل والظلام فيبقى الوطن ينتظر أن تتلملم أمنيات مبعثرة..!
إيمان القاضي
أُمنياتٌ مبَعثرةْ.. 1147