سأفرض على نفسي وأقول من اليوم أنا (جنوبي) ولي الشرف في انتمائي إليهم كوني قد خالطتهم وعرفت مكارم أخلاقهم وتعاملهم الحسن مع أنفسهم ومع جيرانهم وإخوانهم وأصدقائهم ومن يعرفون ومن لا يعرفون متحلين بأخلاق الرسول الأعظم صلى الله وعليه وسلم القائل (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن فسعوهم بأخلاقكم) والقائل (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وقول أمير الشعراء/ أحمد شوقي: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا ولست مبالغا فيما أقول ولكنها الحقيقة والواقع الذي يؤكد ذلك, حيث كنت في رحلة عمل بعدن ولِمَا تتمتع به مدن عدن الساحلية من جمال الطبيعة وروعة المنظر وحسن التخطيط وجذب الأنظار خاصة في المساء فقد خرجت من مقر إقامتي بأحد فنادق ساحل أبين متوجها نحو المعلا والتواهي والساحل الذهبي وأثناء مروري بالتواهي توقفت سيارتي بسبب انقطاع البطة وتم توقيف السيارة على جانب الخط لإصلاح العطل المذكور ولأن حركة السياحة تكثر ليلا في السيارات والمشي على الأقدام وقد كنت متخوفا مما يُشاع عن الحراك الجنوبي من الفوضى وقطع الطريق والاعتداء على المحلات ولأن الوقت كان ليلا وبالذات ليلة جمعة فأصحاب المحلات مغلقون كان لزاما علينا إيقاف السيارة في الشارع والسواق يتحرك مع المهندس متنقلا من مدينة إلى أخرى بحثا عن المطلوب وأثناء ذلك ظليت مع من كان معي من الأصدقاء فلم اشعر بملل ولم يتعكر جو الرحلة ذلك لأن المارة من الشباب وأيضا أصحاب السيارات يأتون جميعا إلينا ويسألون عما نحتاجه مبدين استعدادهم لتقديم أي خدمة نريدها وللتعاون في إصلاح العطل في السيارة والبقاء معنا للآنسة والراحة حتى يتم إصلاح السيارة فبعضهم حرك تلفونه لإحضار مهندسين والبعض الآخر ذهب بنفسه لنفس الغرض فأي كرم هذا وأي أخلاق سامية رفيعة هذه التي يتمتع بها إخواننا الجنوبيون فقد لاحظت أن كرم الأخلاق ونبل المشاعر وحسن التعامل ونقاء القلوب وسماحتها هي الأخلاق المسيطرة على كيانهم وذواتهم ذلك أنهم قد تربوا على قيم وأخلاق ديننا الإسلامي الحنيف فمن أخلاقهم هداية الأعمى وحسن الكلام وإغاثة الملهوف وهداية الضال (الحيران) ونصرة المظلوم, لكنك تتألم كثيرا عندما تتوقف بسيارتك في بعض طرق المحافظات الشمالية فانك لن تجد من يوقف سيارته ويسأل عن سبب توقفك وحاجتك فيبدي استعداده لمنفعتك إلا نادرا وهذا شيء يؤسف ويؤلم وذلك الأمر هو ما جعلني أقول (أنا جنوبي ) ولم أكن من الجنوب لأن سلوكيات أولئك وأخلاقياتهم محببة إلى النفس لأنها جزء من آداب الإسلام وأخلاقه إذ هي المسيطرة على كيانهم. فأخلاق الإسلام جعلت منهم نبراسا وأعلاما وقدوة حسنة وأمثلة يقتدى بها ولله در القائل:
كذلك أخرج الإسلام قومي** شباب مخلصا حر أمينا
وعلمه الكرامة كيف يبني** فيأبى أن يقيد أو يهونا
أحمد محمد نعمان
أخْلَاقٌ مِنْ الجَنُوب 1396