سئل حكيم ذات يوم :"لم السماء صافية؟"
فابتسم مجيبا: "لأن البشر لا يعيشون فيها!"
اصبح الزمان غير الزمان واضحت الأخلاق في خبر كان؛ ظلم، حقد، سطو واستبداد هذا ما آلت إليه طبيعة غالبية البشر.
إنه لمن المؤسف جدا أن أرى ما وصلت إليه شعوبنا من تخلف وجهل ولكنني سرعان ما ادرك أننا نحن من أوصلنا انفسنا إلى هذه الزاوية المعتمة.
عندما تخدع طفلا انك ستعطيه قطعة حلوى إن أسدى لك أمراً ثم وبكل بساطه تخلف وعدك وتخبره بانك ستعطيه لاحقا، هنا تستغل براءة الطفل وتولد في نفسه شرارة الكره وتزرع في نفسه عدم الثقة بالآخرين فيتربى على أسلوب الخداع.
عندما تعاهد ربك انك لن تعصيه مجددا ثم ما تلبث إلا أن تنكث عهدك بمجرد ضعف منك، هنا تستغل رحمة الله بك فتذنب في حق نفسك وتأتيك المشاكل والهموم من حيث لا تدري.
عندما تتغيب عن موعد عمل أو عن دوام جامعي بحجة المرض والإرهاق ،هنا تستغل علم البشر المحدود فلا أنت تستفيد من نفسك ولا المجتمع يستفيد منك.
تغيرت طباعنا كثيرا واصبح كلٌ منا يبحث عن مصلحته الشخصية تاركاً مصالح وحقوق الآخرين في آخر القائمة وعلى الهامش.
ولدت لتسعد بائساً، ولدت لتطعم فقيراً، ولدت لتمسح دمعة يتيم، لتربي أجيالاً تقدس معنى الأخلاق، أو بالأحرى نحن ولدنا لنبني بيتاً يجوبه السلام.
أتذكر أنني ذات يوم في صغري سألت والدتي:" أمي ما معنى السلام؟ "ثم أردفت بابتسامة عذبه:" أهي .السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.؟" ربتت أمي حينها على رأسي واستطردت:" وهل تعلمين يا بنيتي ما معنى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟ "فأجبت: "لا.. ما معناها؟" قالت:" السلام يا صغيرتي هو النقاء والبياض، هو النظافة من كل مساوئ الأخلاق.. يعني أن يعيش المرء تحت ظل الأمانة دون أن يكذب على احد ودون أن يغدر بأحد ،دون أن يخدع أحد أن يعيش محافظا على مبدأ الوفاء والا يحاول و لو لمرة أن يخون من أتمنه".
حينها قاطعت أمي سائلة:" طيب ورحمة الله وبركاته ما معناها؟" فأجابتني بوجه يملأه الرضا:" اذا التزمنا يا حبيبتي بهذه الصفات "صفات السلام" حلت علينا رحمة الله وبركاته نعمه، آلاءه، وخيره..
مذ كنت صغيرة وانا ابحث عن هذه الصفات التي ذكرتها أمي ولكن الواقع الذي أعايشه للأسف يفاجئني كل يوم اكثر واكثر.
إن ما وصلت اليه شعوبنا ليومنا هذا من تخلف وجهل وفساد وفقر من الجائز أن أقول عليه "مدقع"هو كله بسبب انعدام السلام حسب منظوري الشخصي، ف "سلام على ارض ولدت للسلام وما عرفت يوما سلاما". محمود درويش
كل منا يعشق أن يعيش في عالم يغمره النقاء إلى الأبد وبما إنني تحدثت هنا عن الأبدية،ففي فطرة الأنسان حب شديد للبقاء ، وشوق جارف إلى السعادة الأبدية، حتى انه يتوهم نوعا من البقاء في كل ما يحبه ولولا توهم البقاء ما احب الإنسان شيئا.
بقاء المال ،بقاء الجاه، ودوام الأخبار المفرحة كل يوم. ولكنه نسي بل وفشل فشلا ذريعا في أن يعشق بقاء الأخلاق فنسي أن يضع في أفكاره فكرة أن الطهر يجب أن يبقى ابدي!
وهو غير مدرك انه لا تتم للنفس الإنسانية إطمئنان إلا في ظل الأخلاق الراسخة والإيمان القوي بالله والرقي إلى قمم المعرفة الربانية الحقة، ويؤدي هذا المقام إلى التقدم اللانهائي في عصر الأمة.
كلنا نحلم بالتسامح وبالجمال وبأن تكون البشرية متعاونة على البر والتقوى على هذا الكوكب الصخب، ولكن الواقع أن ثمة سوابق معرفية وأنماط حياتيه توجه من خلالها سلوك الإنسان في عصرنا.
إيمان القاضي
سلام على البشر 1189