شعوب تبكي الطفولة وتبكي فساد الحياه في مناحيها المختلفة ثم تعيد إنتاج أنظمه أبكت ماضينا وحاضرنا وسنبكي المستقبل في ظلها، هي نفسها التي خرجنا بالأمس لرميها إلى مزبلة التاريخ عبر بوابة الثورة لتعود إلى كرسي الحكم عبر نافذة المؤامرات وآبار النفط والالتفاف على إرادة الشعوب من خلال جرجرتها إلى مربع اليأس من إمكانية التغيير لتسلم قيادها لكائنات معلبة لا تملك من القرار إلا ما يملى عليها من أرباب النعمة وأصحاب الفضل في الوصول المسرحي إلى سلم القيادة في ظل إحباط مجتمعي لا يرى النور في آخر النفق والا فما معنى وصول رجل تسعيني إلى موضع القرار في تونس, ما هي القدرات العقلية والذهنية التي مازالت لديه لاتخاذ القرارات الحاسمة لنهضة الأمة التونسية؟!!!
يستطيع المال القذر والإعلام الفاقد للمهنية تقديم إحدى موميات الفراعنة لحكم بلد مثل مصر وإقناع الناس أن روح الفرعون التي تسكنها تمتلك قدرات خارقة وعصى سحرية بإمكانها إعادة مصر إلى صدارة المشهد الحضاري والتاريخي، ولا غرابة فلم يكن السيسي سوى مومياء محنطة تنتظر الأضواء الخضراء من صانعي المومياء من الأشقاء والأصدقاء قبل اتخاذ أي قرار.
مرسي- وهو رجل الأخلاق- كما المرزوقي كان مبرر عزل الأول وإراحة الثاني هو ضعفهم في إدارة أوطانهم وإذا سلمنا جدلاً بصحة فرضية الضعف فإن البديل كان أضعف قيادة وإدارة مع فارق أن البدائل لا تمتلك الأخلاق لنخلص إلى نتيجة مفادها أننا أمة بلا رؤية وبلا قرار أنتجت قادة لا يمتلكون القرار أوطانهم مصغرة في مصالحهم ووطنيتهم مختزلة في شخوصهم وشعوبهم أيتام يتم الدلالة بهم في دهاليز الشحاتة مسدلين على سوءاتهم بهالة وبربقندا إعلامية تجعل منهم آلهة لشعوبهم وخلف الصورة يسجدون لأرباب نعمتهم وصانعي مجدهم الزائف.
السيسي.. السبسي تشابه في الشكل والمضمون والخلفية التي أتوا منها وتشابه أيضا في الشرائح المجتمعية التي أنتجتهم والتي لا ينقصها المعرفة بقدر ما ينقصها ثقافة الشعور بالكرامة والاعتزاز بالعقيدة والهوية تلك الشرائح ذات الأشكال الهلامية المتموجة والتي تتخذ هيئتها وشكلها وفقاً للأوراق المسيلة للعاب لا وفقاً للقيم الثابتة المنطلقة من كونهم ضمن إطار مكاني وزماني يمتلك الخلفية والمستند التاريخي التي ينطلقون منها لتحقيق نهضة أمه كانت إلى وقت قريب من يمتلك زمام الأمور وإدارة دفة الحياه.
سقطت عروش الظلم والاستبداد من خلال ثورات قادها نخب شبابية مدركة أن ثمن الحرية الدم وسقفها السماء، ليعيد صناعة هذه الأصنام بعض الشرائح التي عاشت في ظل العبودية فتره طويلة حتى ظنوا أنها جزء من تكوينهم ليضعونا أمام تحد جديد يتمثل هذا التحدي ليس في إقناعهم بالحرية بل بانهم اصبحوا أحراراً أو يتيهون أربعين سنة ليتسنى لجيل تربى في أجواء الرجولة والحرية أن يستلم دوره الريادي في صنع ثورته التي ستكون حينها خالية من جيل العبيد ليخلوا معها أسباب الارتكاسات التي عانت منها الثورات السابقة.
د. عايش ابو صريمة
الحرية في زمن العبيد 1307