بات الفساد المفردة التي ترددها جميع منظمات المجتمع المدني المحلية والعالمية الكلمة التي تردد صباحا مساء على لسان جميع المسؤولين بمختلف مواقفهم ومستوياتهم وعبر مختلف وسائل الإعلام بل أصبح المواطن العادي يردد هذا المصطلح في كل وقته ويحمّل تدهور وضعه المعيشي وشلل الاقتصاد والمجتمع إلى ظاهرة الفساد المتفشي في جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والمالية والإدارية وتعاني بلادنا من ظاهرة الفساد مثلها مثل أي دولة في العالم الثالث.. ففي تقرير المنظمة الشفافية العالمية الذي صدر مؤخراً جاءت اليمن في المرتبة 161 من أصل 177 دولة.. ثم إن قياس مؤشر الفساد فيها للعام 2014م والدول العشر الأخيرة هي أفسد عشر دول في العالم حسب تقرير المنظمة وهذا المؤشر خطير جداً خصوصاَ في ظل المرحلة الحرجة التي يمر بها اليمن والاقتصاد اليمني, فوسائل الإعلام كشفت قبل أيام عن مدى تراجع الاحتياطي لدى البنك المركزي اليمني وأشارت إلى تدني إرادات الدولة وعجزها عن تلبية وتغطية النفقات المطلوبة كمرتبات الموظفين وهذا ما أنفته وزارة المالية.. وأياً يكن صحة الخبر أو نفيه فالمشكلة حقيقية وواقعية بالتأكيد, وتتفاقم وتنذر بكارثة اقتصادية وانهيار مالي لا قبل لليمنيين به وعلى الدولة والحكومة تدارك الكارثة قبل وقوعها أو الحد منها من خلال إصلاحات حقيقية تنعش الاقتصاد ويلمسها المواطن ومن خلال حث الدولة المانحة على الوفاء بالتزاماتها المالية كما عليها أن تجعل نصب أعينها محاربة العدو الحقيقي (الفساد) الذي لابد من اجتثاثه لأنه يهدد الكل بدون استثناء اللهم إلا عدداً محدوداً هم المستفيدون منه والذين يملؤون بطونهم وجيوبهم على حساب لقمة عيش المواطن البسيط.
فالفساد والمفسدون يجدون في سوء الإدارة والبيروقراطية المفرطة والإجراءات المالية والإدارية الغير مدروسة والمعقدة, مرتعاً خصباً, وإذا نظرنا إلى الحدود غير المعقولة ولا المسبوقة التي وصل إليها حجم الفساد في السنوات العشر الأخيرة واتساع دائرة نفوذه ليس فقط بين صغار الموظفين بل بين كبار المسؤولين يجعل مقاومته ومحاربته ترتقي إلى مصاف المهمة الوطنية الأولى لكل الخيرين والغيورين على مستقبل الوطن والأجيال القادمة.
ومن غرائب الأمور أن محاربة الفساد كلمة نسمعها من الكل ومع هذا تتسع دائرته ويستفحل ولهذا فإن الأمر خطير وبحاجة إلى وقفة حقيقية وإجراءات رادعة.
وهنا يمكن القول إن العديد من تقارير جهاز الرقابة والمحاسبة تشير- بشكل جلي وواضح- إلى مواقع الفساد والفاسدين وما على هيئة مكافحة الفساد إلا أن تقوم بواجبها الوطني والأخلاقي الذي ألزمها به القانون والقسم العظيم الذي أقسمه أعضاؤها عند تعيينهم وستجد في تلك التقارير ما يكفي لإيقاف هذا الداء المستشري الذي أرّق المجتمع ودمّر الاقتصاد ونفر الدعم الدولي.
توفيق محمد الحاج
المهمة الوطنية الأولى 1014