حين نطق رئيس المحكمة (الصورية) المصرية بحكم البراءة للرئيس المخلوع/ محمد حسني مبارك ومعاونيه بقوله: رفعت الجلسة.. كان قد ضرب آخر مسمار في نعش ثورة 25 يناير!!
ففي حقيقة الأمر ليس الجلسة التي رفعت.. ولكنها ثورة 25 يناير التي رفعت.. وأسدل الستار عليها في مشهد من أشد المشاهد التراجيدية المأساوية قتامة في مسار الربيع العربي الناجزة ثوراته وفي أهم دول الربيع العربي على الإطلاق.
لقد كانت المحاكمة تسمى (محاكمة القرن) وإذا بها تتحول 180 درجة لتصبح مأساة القرن.. رئيس يقتل أبناء شعبه بدم بارد لمجرد أنهم لا يريدون استمراره على رأس السلطة، لأنه حولها إلى مغنم له ولحاشيته ومنافقيه ومتزلفيه.. وسام الشعب سوء العذاب طوال عشرات السنين، وحين يبلغ الغضب الشعبي مداه فيثور الشعب على جلاده ومصاصي دمائه وناهبي ثرواته وسالبي حريته وكرامته ورغيف الخبز الذي يحيا به فيسقطهم.. وتزهر الآمال ندية كالورد في قلوب الثائرين، وترنو القلوب إلى الأمل القادم من رحم الثورة الشعبية السلمية في تحقيق طلعات الجماهير في العيش بكرامة وعزة ونيل الحقوق والحريات التي افتقدوها ردحا من الزمن..
وفجأة يخرج لهم مارد الثورة المضادة من أبريقه اثر مسح الإبريق بالخطأ.. فيرمي بكل مبادئ وأهداف الثورة النبيلة عرض الحائط.. وأفظع من ذلك يرمي بقيادات الثورة وشبابها إلى غياهب السجون والمعتقلات إلا من نجا منهم بجلده إلى خارج الوطن.. ويبدأ العد التنازلي للثورة إثر الانقلاب الأسود على الشرعية المستمدة من الشعب لتعود السلطة إلى المربع الأول ويخسر الثوار كل شيء في غمضة عين.
هيييه يا زمن كم كانت الآمال عريضة ممتدة بمساحة المحيط لانتشال الشعوب من قمقم الفساد والاستبداد وبدء عهدا جديدا مفعما بالآمل الباسم في غد أكثر إشراقا ونورا.. لكن يا فرحة ما تمت.. فقد تكسرت النصال على النصال وعادت حليمة لعادتها القديمة.. وأعيد الشعب المصري إلى سجن انكساره من جديد يتجرع مرارة النكسة كما تجرعها في حزيران 1967م وعلى يد نفس القوى!!.
(مأساة هارون الرشيد مريرة.. لو تعلمون مرارة المأساة).
لك الله يا شعب مصر الكنانة فقد أعادوك إلى حظيرة الاستبداد ليمارسوا عليك شتى فنون الظلم والاضطهاد في زمن كادت فيه الشعوب المقهورة أن تنتزع حريتها وكرامتها المهدورة من براثن الفساد والاستبداد.. ولكن..
(إذا خسرنا الحرب لا غرابه.. لأننا ندخلها بنطق الطبلة والربابة!!)
ولا غرابة لان مصر لها تاريخ طويل في الوقوع في براثن نفايات المجتمع وتسلط الأوباش عليها، فهي هدف كل طامع.. فقد حكمها كافور الإخشيدي واحتلها الفرنسيون والبريطانيون.. وحكمها العسكر بالنار والحديد منذ ثورة 52م حتى ثورة 25يناير.. واليوم عادت إلى أحضان الاستبداد من جديد ..فحكمها رويبضة العصر السيسي ألخسيسي.. الذي قال: إن القضاء المصري شامخ !! فانظروا إلى أحكام هذا الشامخ:
1-حكم قضائي (شامخ) على 682 معارض للانقلاب بالإعدام بعد ثلاث جلسات فقط.. عاشت العدالةّ!!
2-أحكام تتراوح بين سبع سنوات إلى ثمان سنوات على صحفيي الجزيرة.. عاشت العدالة!!
3- حكم ببراءة مجرمي مصر وناهبي ثرواتها بالبراءة.. عاشت العدالة!!
وكل هذه الأحكام لا سابق لها في القضاء الكوني كله.. واستغفلونا بان القضاء المصري نزيه!!
ولا عزاء للربيع العربي ولا للثوار وما قدموه من تضحيات جسام ذهبت أدراج الرياح.
مرفأ:
إذا خان الأمير وكاتباه.. وقاضي الأرض داهن في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل.. لقاضي الأرض من قاضي السماء.
منصور بلعيدي
محكمه..رفعت الثورة!! 1306